للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة، وأبي يوسف يجب أن تكون نجاستها خفيفة، والفتوى على الأول أن نجاستها غليظة والله أعلم.

ومما يتصل بهذا الفصل

ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله في أسآره أن النجاسة إذا أخرجت من البئر ولم ينزح شيء من الماء بعد، فنجاسة الماء غليظة، ثم بقدر ما ينزح من الماء تخف النجاسة وتقل قال: وهذا كما قلنا في الكلب إذا ولغ في إناءين، فغسلت إحداهما مرة وغسلت الأخرى مرتين، إن كل واحد منهما نجس ثم غسلا مرة مرة، فإن الذي غسل في المرة الأولى مرتين طهر والآخر لا يطهر ما لم يغسل مرة باليد.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: قال مشايخنا: نجاسة الثوب إذا غسل الثوب ينبغي أن يكون على هذا القياس.

بيانه: في الثوب النجس إذا غسل في ماء طاهر وعصر ثم غسل في ماء آخر على هذا القياس طاهر، وعصر ثم غسل في ماء ثالث طاهر وعصر، فإن الثوب يطهر والمياه كلها نجسة، ولو أنه أصاب هذا الماء الثالث ثوباً ينبغي أن يطهر هذا الثوب بالعصر، وإن لم يغسل؛ لأن ما دخل فيه من النجاسة لو كانت في الثوب الأول، فكان يطهر بالعصر، ولا يحتاج فيه إلى الغسل، ولو أصاب الماء الثاني كانت طهارته بالعصر والغسل مرة، ولو أصاب الماء الأول كانت طهارته بالعصر والغسل مرتين، وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» أن الماء الثاني أو الثالث من غسالة الثوب النجس إذا أصاب الثوب لا يطهر الثوب إلا بالغسل ثلاثاً، وفرق (٢٩أ١) بين مسألة البئر وبين مسألة الثوب، وفي «شرح الجامع» من تعليقي في مسألة الثوب أن نجاسة المياه على نمط واحد عند أبي يوسف رحمه الله، وعند محمد رحمه الله نجاستها مختلفة.

فمن حكم الماء الأول أنه إذا أصاب ثوباً آخر لا يطهر إلا بالغسل ثلاث مرات، ومن حكم الماء الثاني أنه إذا أصاب الثوب لا يطهر إلا بالغسل مرتين، ومن حكم الماء الثالث أنه إذا أصاب الثوب يطهر بالغسل مرة؛ لأن بالغسل تحولت النجاسة من الثوب إلى الماء، فيصير الماء والذي أصابه هذا الماء على الصفة التي كان الثوب الأول، والثوب الأول حال إصابته النجاسة كان بحال لا يطهر إلا بالغسل ثلاثاً، وبعد الغسل الأول كان بحال لا يطهر إلا بالغسل مرتين، وبعد الغسل الثاني كان بحال يطهر مرة بالغسل، فكذا الذي أصابته هذه المياه على هذا الترتيب والله أعلم.

في تطهير النجاسات

يجب أن تعلم أن إزالة النجاسة واجبة، قال الله تعالى: {والرجز فاهجر} (المدثر: ٥) وقال تعالى: {وثيابك فطهر} (المدثر: ٤) وإزالتها إن كانت مرئية بإزالة عينها وأثرها إن كانت شيئاً يزول أثرها ولا يعتبر فيه العدد، وإن كان شيئاً لا يزول أثرها فإزالتها بإزالة عينها ويكون ما بقي من الأثر عفواً، وإن كان كثيراً، وإنما اعتبرنا زوال العين، والأثر فيما يزول

<<  <  ج: ص:  >  >>