للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «القدوري» ما لم تكن مرئية، فالطهارة موكولة إلى غلبة الظن، وقدرنا بالثلاث؛ لأن غلبة الظن يحصل عنده.

وفي «شرح الطحاوي» إن كانت النجاسة غير مرئية كالبول وأشباه ذلك يغسله حتى يطهر ولا وقت في غسله ووقته سكون قلبه إليه.

وهذا الذي ذكرنا من اشتراط الغسل ثلاث مرات مذهبنا.

وقال الشافعي رحمه الله: إذا كانت النجاسة غير مرئية فإنه يطهر بالغسل مرة والعصر إلى أن يخرج الماء، وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله مثل قول الشافعي، وإنه ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله في «المنتقى» عنه: أنه إذا غسل مرة واحدة ما معه طهر، فالشافعي رحمه الله اعتبر النجاسة الحقيقية بالنجاسة الحكمية، والنجاسة الحكمية تزول بالغسل مرة، وكذا الحقيقية، بل أولى لوجهين:

أحدها: أن الحكمية أغلظ من الحقيقية لأن الحكمي، وإن قل يمنع جواز الصلوة، ولا يكون عفواً والحقيقي ما لم يكن كثيراً لا يمنع جواز الصلوة خصوصاً على أصلكم.

والثاني: أن الحكمي لا يسقط اعتبارها عند عدم ما يزيلها، فإنه إذا لم يجد الماء وكان على بدنه نجاسة يصلي كذلك، وفي الحكمي ينتقل إلى التراب، فصح أن الحكمية أغلظ من الحقيقية والتقريب ما ذكرنا.

ولنا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّمأنه قال: «إذا استيقظ من منامه، فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، إنه لا يدري أين باتت يده» فالنبي عليه السلام أمر بغسل اليد ثلاثاً من نجاسة غير مرئية إذا كانت متوهمة، فلأن يجب عن نجاسة متحققة أولى وأحرى.

واعتبار النجاسة الحقيقية بالنجاسة الحكمية باطل؛ لأن الحكمية عرف ثبوتها بالحكم لا بالحقيقة، فيعرف زوالها بالحكم والحكم حكم بالزوال مرة واحدة، لما روي عن النبي عليه السلام «أنه توضأ مرة مرة، وقال «هذا وضوء من لا يقبل الله تعالى الصلاة إلا به» فقد حكم بزوالها مرة واحدة، فأما الحقيقية عرف ثبوتها بالحقيقة، فيعرف زوالها بالحقيقة، والحقيقية المرئية في الأغلب لا يزول إلا بالثلاث، فاعتبر غير المرئي بها ثم يشترط «الأصل» ثلاث مرات في ظاهر رواية الأصل، وإنه أحوط، وفي غير رواية الأصول يكتفي بالعصر مرة، وإنه أوسع وأرفق بالناس.

وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «صلاة المستفتي» أن النجاسة إذا كانت بولاً أو ماءً نجساً وصب الماء عليه كفاه ذلك، ويحكم بطهارة الثوب على قياس قول أبي يوسف رحمه الله، فإنه روي عنه أن الجنب إذا اتزر في الحمام وصب الماء على جسده من جنب الظهر والبطن حتى خرج عن الجنابة ثم صب الماء على الإزار يحكم بطهارة

<<  <  ج: ص:  >  >>