فأما فيما عدا هذا الحكم فالجواب فيه كالجواب فيما إذا أذن بكتابة نصيبه ولم يأذن له بالقبض.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه لم يكن لشريكه أن يتبع نصيبه على ما ذكرنا، فإن كاتب الساكت نصيبه بعد ذلك جاز وهذا عندهما جميعاً، على قول أبي حنيفة رحمه الله: فلا إشكال؛ لأن الكتابة تتجزأ عنده فلم يصر نصيب الساكت مكاتباً أصلاً، وإذا لم يصر نصيبه مكاتباً صار الحال في حق الساكت بعد كتابة المكاتب كالحال قبل الكتابة وقبل كتابة المكاتب الآخر (له) أن يكاتبه فكذلك هذا، وعلى قولهما: فلما ذكرنا أن نصيب الساكت لم يصر مكاتباً في حق الساكت بل اعتبر نصيبه مأذوناً له وإذا كان نصيب الساكت مأذوناً في حق الساكت لا مكاتباً كان له أن يكاتب نصيبه فيصير العبد مكاتباً بينها كل نصف منه صار مكاتباً بكتابة على حدة من أحدهما متى أدى إلى أحدهما حصته فإنه يعتق، ثم إذا كاتب الساكت نصيبه لا يكون للمكاتب الأول فسخ الكتابة في نصيبه، وذلك لأن الساكت بكتابة نصيبه جعل متصرفاً في خالص ملكه.
ولم يلحق بالمكاتب الأول ضرراً فإن ضرر الكتابة من أحد الشريكين امتناع البيع على الآخر، وكان هذا الضرر ثابتاً على الأول بكتابة نفسه، وتصرف الإنسان لا يكون لأحد حق الفسخ عليه فكان كتابة الساكت ولم يلحق لشريكه ضرراً بمنزلة البيع في هذه الحالة، وإن أذن لشريكه بالكتابة في نصيبه وبقبض المكاتبة فأدى العبد إلى المكاتب شيئاً ثم نهاه عن القبض كان له ذلك؛ فإن أذن له بأن يقضي ما عليه من بدل الكتابة من ماله فإن نصف كسبه له، فإذا بدا له أن يمنعه من القضاء كان له ذلك لمن قال لمودعه: اقض الدين الذي عليك من وديعتي فأدى من ذلك شيئاً ثم نهاه عن الباقي كان له ذلك؛ لأن الإذن بالقضاء (٣٥٠ب١) تبرع وإنما يتم هذا التبرع بالقضاء قبيل القضاء هو غير تام وللمتبرع أن يرجع عما تبرع به قبل التمام، وإن كاتب أحدهما نصفه بغير إذن شريكه وشريكه لا يعلمه ثم إن المكاتب منهما أذن للآخر في كتابة نصيبه فكاتبه ثم علم الثاني بكتابة الأول فأراد الثاني أن يفسخ كتابة الأول ليس له ذلك؛ لأن حق الفسخ للثاني إنما يثبت دفعاً للضرر عن نفسه، والضرر ههنا لا ينبغي بالفسخ فلا يعتد الفسخ بموته، فلا يثبت له حق الفسخ، وإذا لم يثبت له حق الفسخ صار نصيب كل واحد منهما مكاتباً بكتابة على حدة؛ لأن كل واحد منهما كاتب نصيبه بكتابة على حدة.
فإن أخذ أحدهما في العبد شيئاً لا يكون للآخر أن يشاركه إلا فيما دفع إلى الأول قبل كتابة الثاني؛ لأن ما دفع الأول قبل كتابة الثاني كسب عبد نصفه مكاتب ونصفه مأذون، فأما ما دفع بعد كتابة الثاني صار الكل مكاتباً فهذا كسب عبد هو مكاتب كله فلا يكون للآخر أن يشاركه بحكم أنه كسب عبده ولا بحكم الكتابة؛ لأن نصيب كل واحد منهما صار مكاتباً بكتابة على حدة، فيعتبر بما لو باع كل واحد منهما نصيبه ببيع على حدة وقبض الثمن، وهناك لا يكون للآخر أن يشاركه فكذلك هذا، وإذا أدى حصة أحدهما