في حالة المرض بإقرار العبد لما فيه من إبطال حقه من غير تسليطه فلا يقدر العبد على ذلك فلهذا افترقا. وكذلك الجواب فيما إذا مات المكاتب وترك سبعمائة درهم بل هذا أولى؛ لأنه لا وفاء هنا ببدل الكتابة حقيقة وحكماً.
رجل كاتب عبداً له على (٣٥٣أ١) ألف درهم ثم مرض المكاتب فأقر لمولاه بقرض ألف درهم وأقر لرجل أجنبي بقرض ألف درهم بعد ذلك أو بدأ بالإقرار للأجنبي ثم للمولى ثم مات وترك ألفي درهم يبدأ بدين الأجنبي؛ لأن دينه أقوى على ما مر فواجد الأجنبي دينه والألف الآخر يعطى للمولى عن الكتابة دون الإقرار، لوجهين أحدهما: أن في صرفه إلى الكتابة احتيال لإثبات العتق والعتق ورثة يجب الاحتيال لإثباته ما أمكن، والثاني: أنا لو صرفناه إلى الإقرار ابتداء أبطلناه انتهاء.
وبيانه: أنه إذا صرف إلى الإقرار يظهر موت المكاتب عاجزاً فيظهر أنه مات عبداً فيبطل دين المولى عنه وبه يظهر أن الأداء كان باطلاً، فكان في الصرف إلى الإقرار ابتداء إبطاله انتهاء أما لو صرفناه إلى بدل الكتابة لا يبطل الأداء في الأجرة، فكان الصرف إلى بدل الكتابة أولى. فإن ترك المكاتب فضلاً على ألف درهم أخذ المولى الفضل على الألفين من الألف التي أقر المكاتب له بها إذا لم يكن المولى فإن كان للمكاتب ابن أو عصبة أما إذا كان المولى وارثاً كان المكاتب مقراً لبعض ورثته في مرضه وذلك باطل ولكن الفضل يكون ميراثاً بين المولى وبين ورثة المكاتب إن كان له ورثة، وإن لم يكن فالفضل كله للمولى بالعصوبة كما لو لم يقر للمولى.
وكذلك لو كان في يد المكاتب حين مرض مائة دينار فأقر بأنها وديعة عنده للمولى ثم أقر للأجنبي بدين ألف درهم ثم مات وترك ألف درهم والمائة دينار التي أقر بها لمولاه فإنه يبدأ بدين الأجنبي لما مر فينصرف الألف إليه والدنانير تباع فيقضي من ذلك أولاً بدل الكتابة لما مر فإن فضل شيء، كان الفضل للمولى بحكم الإقرار لأن بكون المولى من ورثة المولى المكاتب فحنيئذ يكون الفضل ميراثاً على ما مر.
رجل كاتب عبده على ألف درهم فأقرضه المولى ألف درهم وذلك في صحة المكاتب ثم مات وترك ألف درهم وله أولاد أحرار من امرأة، فإن القاضي يقضي بالألف للمولى من المكاتبة وليس للمولى أن يجعلها من الدين لما مر من الوجهين، فإن كان له أولاد من امرأة هي معتقه غيره، فالأب حر والأم لأولاد إلى مواليه لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، فههنا أمكن إثباته من الأب لا يثبت من الأم، إلا أنه ما دام الأب عبداً كان إثبات الولاء إلى مواليه من الأب متعذراً، فإذا عتق الأم أمكن إثباته من الأب نحو الأب إلا ولاء إلى مواليه.
ولو ترك أكثر من ألف درهم أخذ المولى الفضل حتى يستوفي الألف التي قبضه لأنه لما مات حراً وترك أولاداً أحراراً وفيهم ذكر، ظهر أن المكاتب أقر للمولى بألف والمولى أجنبي منه، والإقرار للأجنبي صحيح، فإن بقي شيء بعد ذلك دين لمولى الأب يصرف إلى الورثة لأن الميراث هو حر عن الدين على ما عرف.