للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه رواية كتاب القسمة أوان عمل الإيصاء ما بعد الموت، وهو في تلك الحالة حر لأن عند أداء بدل الكتابة حكم بحريته في أخر جزء من آخر حياته، فكان وصيه بمنزلة وصي الحر على ابنه الصغير من هذا الوجه.

وجه ما ذكر هاهنا أن الحرية معلقة بشرط (٣٥٤أ١) الأداء والأداء وجد بعد الموت والحكم.......... على الشرط لا يكون أمراً أولياً وإنما يصار إليه بضرورة، ولا ضرورة في الإيصاء، ولا يظهر الحكم بحريته في أخر جزء من أجزاء حياته في حق الإيصاء، فلم يكن يلزمه وصي الحر ولو ظهر حرية المكاتب في حق الأصل أداءً إلا أن هذا حر لا ولاية له، وقد اختلفت عبارة المشايخ في ذلك، حكي عن الحاكم أبي نصر محمد بن مردويه رحمه الله أنه كان يقول: بأن للولاية حكم الحرية وحكم الشيء يثبت عقيبه والحرية تثبت في آخر جزء من أجزاء حياة المكاتب، فيكون أوان ثبوت الولاية ما بعدها وما بعدها زمان الموت وزمان الموت ليس زمان الولاية.

وحكي عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل البخاري رحمه الله أنه كان يقول: بأن الحرية إنما تثبت في آخر جزء من أجزاء حياته في ساعة حياته لطيفة لا تسع للتصرفات فلا تتسع للولاية، لأن الولاية ليس هي إلا ملك التصرفات، فلا تثبت في زمان لا يتسع للتصرف، ولهذا قلنا لو قدمه قاذف لا يحد، لأن الحرية تثبت في وقت لا يتسع للقذف، بخلاف فساد النكاح؛ لأن ذلك حكم شيء عجب لا تشرط له القدرة فالساعة اليسيرة وإن قلت تكفي. وعبارة عامة المشايخ أن الحرية تثبت في آخر جزء من أجزاء حياته، وتلك الحالة حالة انقطاع الولاية، ولا يمكن القول بثبوت الولاية في حال انقطاع الولاية، وإذا لم تثبت الولاية للمكاتب لا تثبت لمن قام مقامه وهو الوصي، هذا وجه التقريب على العبارات كلها.

وإنما ملك الحفظ لأنه كان للمكاتب حق الحفظ في اكتسابه، فكذا لمن قام مقامه، وإذا ملك الحفظ ملك بيع العروض والمنقول من تركة المكاتب؛ لأن بيعهما من الحفظ إذا خشي عليهما التردي والتلف فأما العقار محصنة بنفسها، وكذا الدراهم والدنانير فلم يكن بيعها من الحفظ فتخص ولاية، ولم يكن للمكاتب على ولده الحر ولاية فكذا لوصيه، وفيما تركت أم هذا الصغير لا يملك الوصي شيئاً من التصرفات لما ذكرنا أن الوصي قائم مقام الموصي، والموصي حال حياته كان لا يملك شيئاً من التصرف في تركة أم هذا الصغير، العقار والعروض فيه سواء، فكذا من قام مقامه عند موته.

وكذلك لو ترك المكاتب ولداً ولد في مكاتبته أو ولد كوتب معه فقضى الوصي مكاتبته وحكم بحريته وبحرية ولده تبعاً له كان ما بقي من مال المكاتب ميراثاً لولده، ووصي المكاتب في ذلك بمنزلة وصي الحر على الابن الكبير الغائب على التفسير الذي قلنا يملك حفظ ماله، وما كان من باب الحفظ نحو بيع العروض وشراء ما لا بد للصغير

<<  <  ج: ص:  >  >>