للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو شهدا أن أب المدعي هذا أعتق أب الميت هذا وهو يملكه ثم مات المعتق وترك ابنه هذا، وهو المدعي ثم مات المعتق، وترك ابنه هذا الميت، وقد ولد من امرأة حرة قضى بالميراث للمدعي، لأن المعتق لو كان حياً ميراث ابن معتقه له، فإذا كان ميتاً كان ميراثه لأقرب العصبات إلى المعتق وهو ابنه المدعي هذا ويشترط في «الكتاب» أن يكون ابن المعتق من امرأة حرة لأنه لو كان من أمة، وقد أعتقه من مولى الأمة يكون ميراثاً لموالي الأمة، على ما مر قبل هذا، يشترط أن يكون من امرأة حرة ليكون ميراثه لموالي (٣٥٦ب١) الأب ولو شهدا بهذا ولكن ولاء لم يدرك أب هذا المدعي المعتق ولكن قد علمنا ذلك فالقاضي لا يقبل هذه الشهادة لأنهما شهدا على الولاء بالسامع، والشهادة على الولاء بالسامع لا تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله، خلافاً لأبي يوسف رحمه الله ولو مات رجل فادعا رجل ميراثه فأقام شاهدين شهدا أنه أعتق أم هذا الميت وأنها ولدته بعد ذلك بمدة من عبد فلان، وأن أباه مات عبداً وماتت أمه، ومات هو، ولا يعلم له وارث سوى معتق أمه هذا المدعي قبل القاضي شهادتهما وقضى له بالميراث، فإن جاء مولى الأب وأقام البنية أنه أعتق الأب قبل أن يموت هذا الولد وهو يملكه، وأنه وارثه لا يعلم له وارث غيره قضى القاضي بالميراث لمولى الأب لأن مولى الأب أثبت جر الولاء إليه بإعتاق الأب بعد إعتاق الأم وتبين أن القاضي أخطأ في القضاء بالميراث لوالي الأم.

ولو مات رجل واختصم رجلان في ميراثه، وأقام كل واحد بينة أنه أعتق الميت، وهو يملكه وأنه وارثه لا وارث له غيره ولم توقت البينتان وقتاً قضى بالميراث بينهما لأنهما استويا في الدعوى والحجة ولم يتيقن القاضي بكذب إحدى البينتين لجواز أن كل واحد من الفريقين عاين سبباً مطلق به أو الشهادة وهو التصرف في العبد وإعتاق العبد بعد ذلك، والمشهود بهما يحتمل الاشتراك فيقضى بينهما نصفان كما في الأملاك، هذا إذا لم توقت البينتان فإن وقتا وقت إحداهما يسبق قضى لأسبقهما وقتاً اعتباراً للثابت بالبينة بالثابت عياناً، ولوكان جاء أحد المدعيين أولاً وأقام البينة أنه أعتق الميت وهو يملكه وقضى القاضي ببينة ثم جاء المدعي الآخر وأقام البينة أنه أعتق الميت فالقاضي لا يقضي للثاني ولو جاءا معاً وادعيا وأقاما البينة على دعواهما قضى بالولاء بينهما، والفرق أنه إذا قضى بالعتق من أحدهما وبالولاء له، فلا ينفذ قضاؤه ظاهراً فلو قضى للثاني بعد ذلك يحتاج إلى فسخ العتق عن الأول في النصف، والعتق النافذ لا يحتمل الفسخ، وأما إذا جاءا معاً لا يحتاج إلى فسخ العتق في شيء لأنه لم يقض بالعتق بعد، وإنما يحتاج إلى القضاء بالعتق والولاء بينهما، وأنه متصور بأن يكون العبد بينهما أعتقاه.

وإذا ادعى رجل أن أباه كان أعتق هذا الميت وهو يملكه وأنه لا وارث لأبيه ولا لهذا الميت غيره وجاء بابني أخيه شهدا لا تقبل شهادتهما على ذلك، لأنهما يستفيدان بجديهما، لما بينا أن الولاء للمعتق على حاله وللرق له بطريق العصوبة على أن يخلفه فيه أقرب عصبة وشهادة النافلة للجد لا تقبل، وكذلك شهادة بني المعتق لا تقبل لأنهما يشهدان لأبيهما، وكذلك شهادة زوجة المعتق لا تقبل لأنها تشهد لزوجها، وإذا مات الرجل عن بنين وبنات فادعى رجل أن أباه أعتق هذا الميت وهو يملكه، وشهد ابنا الميت بذلك وادعى رجل آخر أن أباه أعتقه وهو يملك وأقرت ابنته بذلك فإنه يقضى بالولاء لصاحب الشهادة لأن في جانبه البينة وإنها حجة في حق الناس كافة وفي جانب الآخر إقرار الفرد والإقرار حجة في حق المقر دون غيره، وإن شهد للآخر ابن آخر للميت وابنان له قضى بالولاء بينهما نصفان لأن في جانب كل واحد منهما البينة.

ولو ادعى رجل من الموالي على رجل من العرب أنه مولى هذا العربي وأن أب هذا العربي أعتق أباه وجاء المدعي بأخويه لأبيه يشهدان بذلك والعربي ينكر، فإن شهادة الابنين لا تجوز لأنهما يشهدان لأبيهما ولأنفسهما لأن لهما في هذه الشهادة منفعة، فإنه متى ثبت ولاء أبيهم من العربي يثبت ولاؤهم من العربي أيضاً، وفي إثباتهم إلى العرب شرف لهم، فصارا شاهدين لأبيهما ولأنفسهما من هذا الوجه وإن شهد بذلك أجنبييان قبلت شهادتهما، لأنها شهادة أجنبي قامت على أجنبي، وللمشهود له في إثبات ما ادعاه فائدة لأن في الإثبات إلى العرب شرف بهم، ولو كان العربي يدعي الولاء في هذه الصورة والابن ينكر قبلت شهادة أخويه، لأن إنكار الابن كإنكار الأب لو كان حياً، ولو كان الآخر حياً وأنكر تقبل شهادة ابنيه بذلك؛ لأنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>