للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يملكه وأيضاً تاريخ إحداهما أسبق، وأقاما على ذلك شهوداً من المسلمين، قضى لأسبقهما تاريخاً، لأنه أثبت عتقه في وقت لا منازع له فيه فلا بد من القضاء بالملك له، وبالعتق منه، في ذلك الوقت ولا يتصور ملك الآخر وعتقه بعد ذلك.

وإن كان شهود الذمي من أهل الذمة، والعبد المعتق كافر قضى ببينة المسلم وإن كان الذمي أسبقهما تاريخاً؛ لأن بينة الذمي ليست بحجة على المسلم فكأن الذمي لم يقم البينة أصلاً.

عبد في يد رجل من أهل الذمة أعتقه هذا الذمي فادعاه مسلم أنه عبده وأقام على ذلك بينة من المسلمين، أو أقام الذمي بينة من المسلمين أنه أعتقه وهو يملكه قضيت ببينة الذمي، لأن دعوى العتق بمعنى دعوى النتاج، لأن العتق لا يحتمل الفسخ بعد وقوعه كالنتاج، وذو اليد متى ادعى النتاج، والخارج يدعي الملك المطلق يقضي ببينة ذي اليد، كذا هاهنا.

ولو كان شهود الذمي قوماً من أهل الذمة وشهود المسلم اثنين مسلمين قضيت بكونه عبداً للمسلم وأبطلت العتق؛ لأن بينة الذمي ليست بحجة على المسلم فكأن الذمي لم يقم البينة أصلاً، وإن كان شهود المسلم من أهل الذمة والعبد مسلم، وشهود الذمي من أهل الذمة أيضاً فإنه يقضي بعتق العبد من جهة الذمي ولا يقضي بكونه عبداً للمسلم، لأن شهادة المسلم قامت على إثبات الملك والرق على العبد المسلم. وشهادة الذمي قامت على إثبات العتق للعبد المسلم فالعتق مما ينتفع به المسلم، والرق يتضرر به.

وشهادة أهل الذمة مقبولة فيما ينتفع به المسلم إنما لا يقبل فيما يتضرر به المسلم والله أعلم.

نوع آخر في وقف الولاء

رجل اشترى عبداً من رجل ثم إن المشتري شهد أن البائع كان أعتقه قبل أن يبيعه، فالعبد حر وولاؤه موقوف إذا كان البائع يجحد ذلك؛ لأن المشتري يقر بالولاء لبائعه وبائعه تبرأ منه، فإن صدق البائع المشتري بعد ذلك لزمه الولاء ورد الثمن على المشتري، وهذا ظاهر. وكذلك إن صدق المشتري ورثة البائع بعد موت البائع، فهذا وما لو صدق البائع المشتري ورثه البائع في حياته سواء. وهذا استحسان، والقياس أن لا يعتبر تصديقهم في الإقرار بالولاء، لأنهم يلزمون الميت ولاء ليس لهم من الولاية، وفي حق رد الثمن يعتبر تصديقهم لأن رد الثمن يجب من التركة، والتركة حقهم. ولكن استحسن واعتبر تصديقهم في جميع ذلك لأنهم قائمون مقام الموروث فكان تصديقهم كتصديق المورث.

وإن أقر المشتري أن البائع قد كان دبره فهو موقوف، فإن مات البائع بعد ذلك عتق العبد؛ لأن المشتري مالكه ظاهراً أو قد أقر أن عتقه معلق بموت البائع ويكون ولاؤه موقوفاً، فإن صدق ورثة البائع المشتري، يعتبر تصديقهم في حق لزوم الولاء للبائع، وفي حق رد الثمن استحساناً على نحو ما بينا في العتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>