للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف الصبي لأن الصبي من أهل أن يثبت له الولاء لأنه من أهل حكمه. ألا ترى كيف ثبت له (ولاء) العتاقة فكذا ولاء الموالاة والله أعلم.

نوع آخر من هذا الفصل

حربي دخل دار الإسلام بأمان وأسلم على يدي رجل ووالاه ثم دخل أبوه بأمان وأسلم على يدي رجل ووالاه فإن ولاء كل واحد منهما للذي والاه ولا يجر الأب ولاء الولد إلى نفسه.

فرق بين هذا وبينما إذا دخل حربي دار الإسلام بأمان وأسلم ووالى رجلاً ثم أسر ابن هذا الحربي الذي أسلم وأعتق فإنه يجر ولاء الولد إلى نفسه حتى كان ولاء الولد لمعتق الأب وفي الموضعين جميعاً يثبت للولد ولاء نفسه، والوجه في ذلك أنه متى ثبت للولد ولاء نفسه لا يمكن أن يجعل تابعاً لغيره في الولاء إلا بعد فسخ ما ثبت للولد من الولاء وفسخ ما ثبت للولد من ولاء الموالاة ليصير تابعاً للأب في ولاء العتاقة مقيد لأن ولاء العتاقة فوق ولاء الموالاة.

ألا ترى أن ولاء الموالاة يحتمل الفسخ وولاء العتاقة لا يحتمل الفسخ فقلنا كذلك تحصيلا لزيادة الفائدة، أما فسخ ما ثبت من ولاء الموالاة للولد ليصير تبعاً للأب في ولاء الموالاة لا يفيد، لأنه لا يثبت للولد إلا ما كان ثابتاً له وما لا يفيد لا يشتغل به.

وفرق أبو حنيفة رحمه الله بين هذا وبين المرأة الذمية إذا أسلمت ووالت رجلاً، ولها ولد صغير ثم إن الأب أسلم بعد ذلك ووالى رجلاً، فإنهُ يصير ولاءُ الولد لمولى الأب، لأن هناك لا حاجة إلى فسخ ما ثبت للولد من الولاء؛ لأن الولد دخل الولاء تبعاً للأم، إنما حاجة إلى نقل ما ثبت لهُ تبعاً للأم إلى الأب، وولاء الموالاة قابلٌ للتحويل. أما ههنا الولد دخل في الولاء مقصوداً فالحاجة إلى فسخ ما ثبت لهُ موالاة ولا فائدة فيه فلا يشتغل به.

وإذا أسلم حربي في دار الحرب على يدي رجلٍ مسلم ووالاهُ هناك أو ولاهُ في دار الإسلام فهو موالاة. فإن سبي ابنهُ وأعتق لم يجز ولاء الأب إلى نفسهِ، وإن سبي أبوه وأعتق جر ولاء الابن إلى نفسهِ، ولو أن رجلاً من أهل الذمة أعتق عبداً ثم إن الذمي نقض العهد ولحق بدار الحرب فأخذ اسيراً فصار عبد الرجل وأراد معتقه أنه يوالي رجلاً لم يكن له ذلك لأنه مولى عتاقة وليس لمولى العتاقة أن يوالي أحداً فإن أعتق مولاه يوماً من الدهر، فإنه يريد إن مات لأنه مولاه إلا أنه كان لا يرث بسبب الرق والكفر، وإذا زالا ورث.

وإن جنى جناية بعد ذلك عقل عن نفسه ولا يعقل عنه مولاه هكذا ذكر في عامة الروايات، وفي بعض الروايات قال: يرثه ويعقل عنه وهو الصحيح؛ لأنه زال المانع عن العقل والميراث جميعاً والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>