تعالى، أو قال: هو بريء من الإسلام إن فعل كذا فهذا يمين عندنا، حتى لو فعل ذلك الفعل تلزمه الكفارة، به ورد الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمعنى فيه أن هذا التعليق لو صح حقيقة حرم الدخول من حيث إنه صار تسبيباً للكفر بالتعليق، والكفر حرام فما يكون سبباً له يحرم، فإذا لم يبح التعليق من حيث الحقيقة يجعل كناية عن حكمه لو صح التعليق وهو حرم الدخول فصار قوله: هو يهودي إن دخل الدار نظير قوله دخول الدار علي حرام، ومن قال: دخول الدار علي حرام كان يميناً؛ لأنه حرم الحلال على نفسه، وتحريم الحلال يمين عندنا. قال الله تعالى:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الك} . (التحريم: ١) قال بعض المفسرين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّمحرم العسل على نفسه، وقال بعضهم: حرم مارية القبطية على نفسه، وكان ذلك يميناً بدليل قوله تعالى:{قد فرض الكم تحلة إيمانكم}(التحريم: ٢) ولأن حرمة الحلال تسبب اليمين فالنص عليه يجعل كالتنصيص على السبب مجازاً، فكأنه قال: والله لا أفعل كذا.
وفي «العيون» إنه إذا قال: هذا الرغيف حرام عليّ كان يميناً، وكذلك إذا قال: كلام فلان عليّ حرام كان يميناً، فعلى هذا إذا قال بالفارسية: حرام آنست ياتوسبي كغين كان يميناً. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله إذا قال: كلام فلان وفلان عليَّ حرام فكلم أحدهما يحنث.
ولو قال: هذا الخمر حرام عليَّ ثم شربها اختلف أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله فيما بينهما، قال أحدهما: فهو ليس بيمين ولا تلزمه الكفارة، وقال الآخر: هو يمين وتلزمه الكفارة قال الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» : المختار للفتوى أنه إن أراد به التحريم تجب الكفارة وإن أراد به الإخبار أو لم يكن له نية لا تلزمه الكفارة.
وإذا كان في يده دراهم فقال: هذه الدراهم حرام عليَّ ينظر، إن اشترى بها شيئاً يحنث في يمينه وإن وهبها أو تصدق بها لا يحنث في يمينه لأن تحريم الحلال وإن كان يميناً إلا أنه لا بد أن يشهد التحريم تحريم الهبة والصدقة، وإنما يراد به تحريم الشراء، كمن قال: كل حل عليَّ حرام لأنه أراد به تحريم كل حلال ولم ينصرف يميناً إلى كل حلال وإنما ينصرف إلى الطعام والشراب خاصة، حتى لو أكل طعاماً أو شرب شراباً حنث في يمينه. كذا ولو وطىء امرأته أو جاريته أو لبس ثوباً أو ركب دابة لا يحنث في يمينه، كذا هاهنا، وعن أبي يوسف رحمه الله في هذه المسألة أنه إذا أنفقها بوجه من الوجوه بأن اشترى بها شيئاً أو وهبها أو تصدق بها أو أعطاها في أجرة بيت، أو ما أشبه ذلك فعليه كفارة يمين، رواه بشر بن الوليد قال: والمخرج منه إن يجيء ذلك رجل من أهله فينفقها.
وفي «البقالي» لو حرم طعاماً أو نحوه فهو يمين على تناول المعتاد أكلاً في المأكول ولبساً في الملبوس إلا أن يعني غيره. قال: وكذلك سائر التصرفات في الأشياء. قال: ولا يعتبر استيفاء من الطعام بالأكل. ولو قال: لا يحل لي أن أفعل كذا فإن نوى تحريمه عليه فهو يمين.