للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريء من القبلة ذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله أنه يمين. وذكر في «فتاوى أهل سمرقند» أنه ليس بيمين والصحيح أنه يمين لأن البراءة عن القبلة كفر. ولو قال أنا بريء المغلظة إن فعلت كذا ليس بيمين. ولو قال: عما في المغلظة فقد قيل: إنه ليس بيمين لأن في المغلظة أيمان وهي تعرف بها فكأنه قال: أنا بريء من الإيمان، وقيل: فإنه يمين لأن في المغلظة اسم الله تعالى فيكون هذا براءة من اسم الله تعالى، والبراءة عن أسماء الله تعالى يمين وصار كدفتر الحساب أو الفقه المكتوب فيه اسم الله تعالى.

ولو قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من الشفاعة، ذكر في «مجمع النوازل» أنه يمين وقد قيل: هو ليس بيمين وهو الأصح لأن الشفاعة إن كانت حقاً فمنكره مبتدع، وليس بكافر. وفي «فتاوى ما وراء النهر» إذا قال: إن فعلت كذا لا إله لي في السماء، قال أبو الأسد وعبد الله الكرمنسي أنه يمين عندان ولا يكفر والله أعلم.

نوع خرفي تحليف الغير

ذكر في «فتاوى أهل سمرقند» : سلطان أخذ رجلاً وحلفه: ما يزد، فقال الرجل مثل ذلك، ثم قال: «كه دوزادنه يناى» فقال الرجل مثل ذلك فلم يأت هذا الرجل يوم الجمعة لا يلزمه شيء لأنه لما قال: ما يزد وسكت ولم يقل قل يا برو إن لم أفعل كذا لم ينعقد اليمين: ويتشعب عن هذه المسألة كثير من المسائل. وفي هذا الموضع: رجل فأراد المرور عليه أن يقوم للمار فقال له المار بالفارسية: «بالله اكرجه في فقام» لا يلزم المار كفارة لأن هذا لغو من كلام.

ذكر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه قال: اليمين على نية الحالف إن كان مظلوماً، وإن كان ظالماً فعلى نية المستحلف وبه أخذ أصحابنا رحمهم الله.

مثال الأول: إذا أكره الرجل على بيع عين في يديه فحلف المكره بالله أنه رفع إلي هذا الشيء فلان يعني به بائعه حتى وقع عنده أن ما في يده ملك غيره فلا يكرهه على بيعه ويكون كما نوى ولا يكون ما حلف يمين غموس لا حقيقة ولا معنى، أما حقيقة فلأنه نوى ما يحتمله لفظه فيجعل ما نوى كالمصرح به، ولو صرح بما نوى كان صادقاً. فكذا إذا أضمر ذلك فعليه دل ما معنى، ولأن يمين الغموس ما ينقطع بها حق أمرىء مسلم ولم يوجد ذلك هاهنا لأن الحالف لم يقطع حق غيره إنما دفع الظلم عن نفسه.

ومثال الثاني: إذا ادعى عيناً في يدي رجل أني اشتريت منك هذا العين بكذا وأنكر الذي في يده الشراء فأراد المدعي أن يُحلّف المدعى عليه بالله ما وجب عليك تسليم هذا العين إلى هذا المدعي فيحلف المدعى عليه على هذا الوجه ويعني التسليم إلى هذا المدعي بالهبة والصدقة لا بالبيع، وهذا إن كان صادقاً فيما حلف فلم يكن بما حلف يمين غموس حقيقة؛ لأنه نوى ما يحتمله لفظه فهو يمين غموس معنى؛ لأنه قطع بهذا اليمين حق امرىء مسلم فلا تعتبر نيته، لهذا كان المعنى في ذلك أن المدعى عليه إذا كان ظالماً فاليمين مشروعة لحق المدعي لمنع المدعى عليه عن اليمين فيصير المدعي إلى حقه، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>