للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهود ههنا حتى يصرف إليه، فينصرف إلى أدنى ما ينطلق عليه هذا الاسم وهي الواحدة عند عامة المشايخ رحمهم الله، وإنه ظاهر وكذلك على قول الباقين؛ لأنهم يقولون بصرفه إلى الأدنى عند تعذر صرفه إلى الكل، وههنا تعذر؛ لأن الإنسان إنما يمنع نفسه منعاً مؤكداً باليمين عما في وسعه مباشرته لا عما ليس في وسعه مباشرته وليس في وسعه تزوج نساء العالم بأجمعهن، ولا مكالمة رجال العالم فانصرف إلى واحد لكونه في وسعه وصار تقدير يمينه كأنه قال: لا أتزوج بواحدة من النساء، لا أكلم واحداً من الرجال.

وكذلك إذا حلف لا يكلم بني آدم فكلم واحداً منهم يحنث في يمينه لأن الإضافة للتعريف (٣٦٦ب١) كحرف اللام وكل جواب عرفته في حرف اللام فهو الجواب ههنا وفتوى في هذا إن ذكر الأبد أو لم يذكر الأبد لأن الأبد يذكر لتأكيد ما دخل تحت اليمين ههنا الواحدة فكأنه قال: إن تزوجت امرأة وهنا ذكر الأبد ولا ذكر سواء.

ولو قال: عبده حر إن تزوج نساء إن اشترى عبيداً إن كلم رجالاً لا يحنث في يمينه ما لم يفعل بأشياء ثلاثة من بينها لأن هذا جمع منكر فينصرف إلى نيته لما مر.

وإن قال: عنيت جميع نساء العالم وجميع الرجال وجميع العبيد في المسألة الأولى فتزوج امرأة واحدة وكلم رجلاً واحداً أو اشترى عبداً واحداً لا يحنث في يمينه فقد صحت هذه النية وصدقه فيها أو لم يذكر أنه مصدق في القضاء أو فيما بينه وبين ربه أو فيما وذكر محمد رحمه الله هذا النوع من المسائل في «الجامع» وفي «الأصل» وذكر في بعضها أنه يصدق من غير تفصيل، فإنه ذكر فيمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان لا يلبس غزل فلان، وعنى به حقيقة وضع القدم ولبس من الغزل وذكر أنه يصدق ولم يقيد، وذكر محمد رحمه الله في بعضها أنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى دون القضاء، فإنه ذكر فيمن حلف لا يأكل طعاماً أو شراباً دون شراب، وذكر أنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى دون القضاء، وذكر في بعضها أنه يدين فيما بينه وبين الله وفي القضاء، فإنه ذكر فيمن قال: عبدي حر يوم أدخل دار فلان، عبدي حر يوم يقدم فلان، وقال: عنيت بياض النهار يدين فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء وقال في تعليل هذه المسألة: لأنه نوى مفيد كلامه ففي هذا التعليل أنه يصدق في القضاء في مسألتنا أيضاً؛ لأنه نوى حقيقة كلامه.

وإطلاق محمد رحمه الله الجواب في الكتاب يدل عليه وكان الفقيه أبو القاسم الصفار البلخي رحمه الله يقول في هذه المسألة: إن القاضي لا يصدقه وإن نوى حقيقة كلامه إلا أن هذه حقيقة لا تثبت إلا بالنية، والقاضي لا يقف على نيته، فإذا كان فيما نوى تحقيقاً عليه فالقاضي لا يصدقه.

ألا ترى أن من قال لامرأته: أنت طالق، وقال: عنيت به الطلاق من الوثاق لا يصدقه القاضي وإن نوى حقيقة كلامه؛ لأن هذه حقيقة لا تثبت إلا بالنية وفيه تحقيق.

وجه ما ذكر محمد رحمه الله: أن المنوي إذا كان حقيقة كلامه لو صدقه القاضي في نيته كان عاملاً بظاهر لفظه لأن ما نوى يدل عليه لفظه حقيقة والقاضي يقف على ظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>