يقدر على أكله الواحد لا يقع الطلاق عليهن إذا أكلن فأما إذا كانت الخشبة ثقيلة لا يقدر الواحد على حملها، فالنكرة صارت موصوفة بحمل بعض الخشبة؛ لأن العمل بحقيقة اسم الخشبة متعذر؛ لأن حمل جميع الخشبة في هذه الصورة لا يتأتى من الواحد فيعمل بمجازه ويجعل شرط الحنث في حق كل واحد منهم حمل بعض الخشبة؛ لأنه ذكر الكل، وإرادة البعض بطريق المجاز جائز وصار البعض كالمصرح به كأنه قال: أيكم حمل بعض هذه الخشبة فهو حر فإذا حملوها وقد وجد من كل واحد حمل (٣٦٧أ١) البعض فعتقوا.
وهو نظير ما لو قال لعبيده: أيكم يشرب ماء هذا البحر فهو حر فشرب كل واحد منهم قطرة عتقوا؛ لأن شرب جميع ماء البحر من كل واحد غير متصور العمل بحقيقة هذا الكلام فيعمل بمجازه.
ثم إن محمداً رحمه الله يقول في «الكتاب» : إذا كانت الخشبة ثقيلة يقدر على حملها اثنان فحملوها جملة عتقوا؛ لأن الشرط في هذه الصورة حمل بعض الخشبة والبعض من حيث إنه بعض لا يفصل فيه بين قدر وقدر ونقول أيضاً: إذا كانت الخشبة خفيفة يقدر الواحد على حملها إذا حملها واحد عتق وإذا حملها واحد بعد واحد عتقوا، وفيه نوع إشكال؛ لأن هذا اللفظ إن (كان خاصاً) ينبغي أنه إذا حمل الواحد وحكم بعتقه لو حملها آخر بعد ذلك أنه لا يعتق، وإن كان عاماً ينبغي أن لا يعتق واحد منهم ما لم يحملوها جميعاً واحد بعد واحد كما لو قال: إن حملهم هذه الخشبة فأنتم أحرار والجواب: هذا اللفظ خاص بصورته عام معنى فإذا حمل الواحد عتق عملاً بخصوص اللفظ صورة وإذا حمل واحد بعد واحد عتقوا عملاً بالعموم بخلاف قوله إن حملتم هذه الخشبة لأنه عام لفظاً ومعنى فما لم يحملوها لم يعتقوا أما ههنا بخلافه.
ولو قال: إن تغديت برغيفين فعبدي حر فتغدى اليوم برغيف والغد برغيف القياس: أن يحنث عملاً بإطلاق اللفظة كما في المعنيين بأن قال: إن تغديت بهذين الرغيفين وهناك: إن تغدى اليوم بإحدى الرغيفين والغد بالرغيف الآخر يحنث في يمينه وفي الاستحسان لا يحنث في يمينه بمكان العرف فإن الإنسان يستحي من بعد أن يقول ما تغديت برغيفين في عمري وإن تغدى بأرغفة كثيرة في أيام متفرقة ولا يعد كاذباً ومثل هذا الفرق لم يوجد في المعنيين فيعمل فيه بإطلاق اللفظ، فإن نوى التفرق في هذا كان كما نوى؛ لأنه نوى حقيقة كلامه وفيه تغليظ عليه.
ولو قال: إن أكلت رغيفين أو قال: إن أكلت هذين الرغيفين فعبدي حر فأكلهما معاً أو متفرقاً حنث في يمينه قياساً أو استحساناً، فعلى جواب الاستحسان يحتاج إلى الفرق بين التغدي والأكل في غير المعنيين.
والفرق: أن التقيد بالاجتماع في غير المعنيين في فصل بالعرف ولم يوجد مثل ذلك العرف في المعنيين في فعل الأكل بل العرف في فعل والأكل بخلافه فإن الإنسان لا يستحي من نفسه أن يقول ما أكلت رغيفين منذ خلقت إذا أكلهما متفرقاً يعمل بإطلاق اللفظ.