للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشافهة.... ألا ترى أن موسى عليه السلام كليم الله ولم يسم غيره من الأنبياء بهذا الاسم؛ لأن الكلام مع موسى صلوات الله عليه كان لا بواسطة ومع غيره من الأنبياء كان بواسطة وكذلك إذا أشار إليه بإشارة أو أومأ إليه لم يحنث لأن الكلام عبارة عن حروف منظومة بصوت مسموع ولم يوجد شيء منه في تلك الإشارة والإيماء. ولو حلف لا يكلم فلاناً فناداه من بعيد فإن سمع صوته لو أصغى إليه أذنه يحنث وإن لم يسمع بعارض أو كان مشغولاً بشيء أو كان أصماً وإن كان بحيث لا يسمع لو أصغى إليه أذنه لشدة البعد لا يحنث في يمينه؛ لأن تكليم فلان عبارة عن إسماع نفسه إلا أن إسماع غيره أمر باطن لا يوقف عليه فسقط اعتباره واعتبر السبب الظاهر المؤدي إليه مقامه وهو أن يكون بحيث لو أصغى إليه أذنه ولم يكن مانع سمع كلامه وقد وجد ذلك في الوجه الأول دون الثاني فأما إذا ناداه وهو نائم فأيقظه لا شك أنه يحنث في يمينه لأنه لما أيقظه فقد أسمعه وإن لم ينتبه فعنه روايتان.

وقد ذكر محمد رحمه الله في «السير الكبير» : إذا نادى المسلم أهل الحرب بالأمان في موضع يسمعون صوته إلا أن غالب الرأي أنهم لم يسمعوا بأن كانوا نياماً أو كانوا مشغولين بالحرب فذلك أمان، فقد شرط لثبوت الأمان أن يكون النداء بالأمان من موضع يسمع منه الصوت لا حقيقة السماع وما ذكر في «السير» هو أن الصحيح في مسألة الأيمان الحنث وإن لم يوقظه.

ومن المشايخ رحمهم الله من قال: على قياس قول أبي حنيفة يحنث وعلى قياس قولهما لا يحنث؛ لأن أبا حنيفة يجعل النائم كالمنتبه وهما (لا) يجعلانه كالمتنبه على ما عرف في مسألة الصدر والخلوة.

ولو حلف لا يكلم فلاناً فدق فلان عليه الباب فقال من هذا أو قال من أنت حنث؛ لأنه مكلم له بالاستفهام هكذا القدوري في «شرحه» .

وفي «النوازل» : إذا دق المحلوف عليه باب الحالف فقال الحالف بالفارسية: كيست لا يحنث في يمينه ولو قال كنى بوا يحنث وبه أخذا الفقيه أبو الليث رحمه الله إذا حلف لا يكلم فلانا ثم إن المحلوف عليه ناداه فقال لبيك أو قال لبي يحنث في يمينه لأنه أجابه باللفظين جميعاً فصار متكلماً معه.

وفي «القدوري» : إذا حلف لا يكلم امرأته فدخل الدار وليس فيه غيرها فقال: (.........) حنث لأنه تكلم لها بالاستفهام إذا لم يكن هناك غيرها فإن كان في الدار غيرها لم يحنث لأنه يحتمل أن يكون (٣٩٦أ١) استفهم لمن سواها ولو قال: ليت شعري من فعل كذا لا يحنث لأنه وإن لم يكن في الدار غيرها لأن هذا للمخاطب نفسه ولا يكلم امرأته وفي «مجموع النوازل» إذا حلف لا يتكلم فجاءته امرأته وهو يأكل الطعام فقال: ها حنث في يمينه فقال لامرأته اكراس سحن يا فلان بكوى فأنت طالق ثم إن

<<  <  ج: ص:  >  >>