يوجد في المستقبل فيعمل فيه بقضية القياس، ولأن مطلق الاسم لما انصرف إلى الجائز بالدليل الذي قلنا صار الجواز كالمنصوص عليه في الماضي والمستقبل، إلا أنه لو صرّح بالجواز الماضي يحنث بالفاسد، لأن النكاح في الماضي صار عيناً بالأداء، والصفة في العتق لغو، ولو صرح في الجواز في المستقبل لا يحنث بالفاسد، لأن النكاح في المستقبل لم يصر عيناً، والصفة في غير المعين معتبرة، وإن نوى الجائز في الماضي، أو نوى الفاسد في المستقبل دين فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء.
وروى ابن سماعة في «نوادره» عن أبي يوسف رحمه الله إذا قال: إن كنت تزوجت اليوم امرأة فعبدي حر، وقد كان تزوجها نكاحاً فاسداً لا يحنث في يمينه، ولو حلف لا يتزوج امرأة فتزوج امرأة بغير أمرها بأن زوجها منه فضولي لا يحنث في يمينه. فرق بين نكاح (٣٧٢با) الفضولي وبين بيع الفضولي ولا فرق بينهما من حيث الصورة، لأن نكاح الفضولي يفيد الحكم في الجملة، فإنه يفيد الحل عند إجازة المرأة، كما أن بيع الفضولي يفيد الحكم وهو الملك عند إجازة المالك، وكان كاملاً كالبيع فيتناول مطلق اسم الزواج، ومع هذا فرق بينهما فقال: في النكاح لا يحنث. وقال: في البيع يحنث.
والفرق أن نكاح الفضولي ليس بمنعقد على سبيل التمام، لأن في المحل ما ينافيه على ما مرّ فلا يكون تاماً، فلا يتناول مطلق الاسم إلا أن الشرع أسقط اعتبار المنافي في حالة مخصوصة، وهي حالة رضاها، في باب النكاح، وفيما عدا هذه الحالة لا يسقط اعتباره فلا يتم الانعقاد والتقريب ما مرّ، بخلاف بيع الفضولي؛ لأن بيع الفضولي تام؛ إذ ليس في المحل ما ينافيه.
فإن قيل: الحكم في حق الأمة نظير الحكم في حق الحرة، وليس في الأمة ما ينافي الانعقاد، قلنا: لا بل في الأمة ما ينافي الانعقاد، لأن بالرق ذهب نصف وبقي النصف، كما كان قبل الرق بقي الباقي الجواز باعتبار الحرية، وبهذا استحق القسم كما قبل الرق، فلو أن المرأة أجازت النكاح حنث في يمينه، لأن بالإجازة ينعقد العقد بصفة التمام فتم السبب، ولذلك إن أجازت في العقد يحنث في يمينه، وكان ينبغي أن لا يحنث، لأن النكاح إنما تم في العقد وشرط الحنث نكاح تام اليوم، والجواب: النكاح وإن تم في الغد إلا أن التمام صفة النكاح، والصفة تقوم بالموصوف وتستند إلى وقت النكاح ولهذا شرطت الشهادة وقت النكاح لا وقت الإجازة، وإذا استند التمام إلى وقت النكاح كان النكاح تاماً في اليوم، فلهذا حنث في يمينه.
قال في «الكتاب» : ألا ترى أن من حلف أن لا يتزوج امرأة بالكوفة، فتزوج امرأة بغير رضاها فبلغها الخبر وهي بالبصرة، فأجازت نكاحها حنث في يمينه، وإن كان تمام النكاح بالإجازة، والإجازة وجدت بالبصرة، ولكن قيل: بأن التمام مستند إلى وقت العقد، والعقد وجد بالكوفة وبهاتين المسألتين يستدل بعض مشايخنا رحمهم الله فيمن حلف بطلاق امرأة أتزوجها، فزوجه رجل تلك المرأة بغير أمره، وأجاز قولاً أو فعلاً إنها لا تطلق؛ لأنه عقد يمينه على التزوج، والإجازة ليست بتزوج ولا بتزويج ألا ترى أن