نكاحاً صحيحاً ثم يطلقها؛ لأن عنده حقيقة الطلاق ههنا متصور لغة وشرعاً بأن تزوجها نكاحاً صحيحاً ثم طلقها فانصرف يمينه إليه عملاً بالحقيقة، وصار تقدير يمينه: إن تزوجتك وطلقتك فعبدي حر.
قال محمد رحمه الله في «الزيادات» : إذا حلف الرجل أن لا يطلق امرأته ولا يعتق عبده، فوكل رجلاً بالطلاق أو العتاق فطلق الوكيل أو أعتق يحنث في يمينه، وكذلك لو وكل رجلاً أن يعتق عبده أو يطلق امرأته، ثم حلف أن لا يطلق ولا يعتق ثم طلق الوكيل أو أعتق حنث في يمينه، لأن عبارة الوكيل في هذه العقود منقولة إلى الموكل. لكونه سفيراً فكأن الموكل أعتق بنفسه أو طلق بنفسه فتحقق شرط الحنث، فلهذا حنث في يمينه.
ولو قال: عبده حر إن دخلت هذه الدار، أو قال: امرأتهُ طالق إن دخل هذه الدار، ثم حلف أن لا يطلق ولا يعتق، ثم دخل عبده أو امرأتهُ الدار حتى وقع الطلاق والعتاق حنث في يمينه قياساً، وفي الاستحسان لا يحنث لأن شرط الحنث تطليق وإعتاق بعد اليمين لما عرف أن الأيمان تقتضي شروطاً في المستقبل، والتطليق والإعتاق ههنا وجدا قبل اليمين لوجود كلمة الإيجاب قبل اليمين، وهذا لأن الإعتاق ليس إلا التلفظ بلفظ يقع به العتق، والتطليق ليس إلا التلفظ بلفظ يقع به الطلاق وهو قوله: أنت حر، وقوله: أنت طالق، وقد وجد هذا اللفظ من الحالف قبل اليمين، فلا يصح شرطاً للحنث. ولو وجد الإعتاق والتطليق بعد اليمين، ولكن بكلام أنشأه قبل اليمين وشرط الحنث تطليق وإعتاق نفذ اليمين بكلام أنشأه بعد اليمين لتمكنه الامتناع عنه، فلهذا لم يحنث في يمينه.
ولو حلف ألا يطلق امرأته ولا يعتق عبده. ثم قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر أو قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم دخل العبد أو المرأة الدار حتى وقع العتق أو الطلاق يحنث في يمينه (٣٧٧ب١) ، لوجود الإعتاق والتطليق بعد اليمين لوجود كلمة الإيجاب بعد اليمين على العبارة الأولى، ولوجود التطليق والإعتاق بعد اليمين بكلام أنشأه بعد اليمين على العبارة الثانية.
ولو قال لامرأتهِ: طلقي نفسك، أو قال لعبده: أعتق نفسك، ثم حلف ألا يطلق ولا يعتق ثم إنها طلقت نفسها في المجلس أو أعتق العبد في المجلس نفسه حنث الحالف في يمينه. وروي عن محمد رحمه الله أنه لا يحنث، والصحيح ظاهر الرواية؛ لأن شرط الحنث التطليق والإعتاق بعد اليمين وقد وجد لوجود كلمة الإيجاب من الزوج والمولى بعد اليمين.
بيانه: أن وقوع الطلاق والعتاق ههنا ليس بقوله: طلقي نفسك، أعتق نفسك، لأن ذلك تفويض وبمجرد التفويض لا يثبت الوقوع، وإنما الوقوع بطريق أن المفوض يصير متكلماً بكلام المفوض إليه إذا تكلم المفوض إليه وجد بعد اليمين، فصار الحالف متكلماً بذلك الكلام بعد اليمين، فصار معتقاً ومطلقاً بعد اليمين فحنث. بخلاف المسألة المتقدمة لأن وقوع الطلاق والعتاق هناك بغير الكلام السابق الذي أنشأه قبل اليمين، وهذا لا يصلح داخلاً تحت اليمين.