للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس بأكل ولو أكله مبلولاً حنث لأنه وُجد الأكل حقيقة.

ولو حلف لا يأكل لحماً ولا نية له فأكل لحم سمك لا يحنث في يمينه، هكذا ذكر في «الأصل» وفي «الجامع الصغير» ، والأصل في خبز هذه المسائل أن مطلق الاسم ينصرف إلى الكامل من المسمى الاسم صورة ومعنى ولا ينصرف إلى الناقص منه معنى إلا بالدليل وإنما كان كذلك لأن الكامل من المسمى معنى مع الناقص من المسمى معنى بدل من له المجاز مع الحقيقة؛ لأن حد المجاز أن يوجد فيه بعض معاني الحقيقة.

قلنا: ومطلق الاسم ينصرف إلى الحقيقة ولا ينصرف إلى المجاز إلا بدليل، إذا ثبت هذا فنقول بأن لحم السمك ناقص في معنى اللحمية، ألا ترى أنه لا يستعمل استعمال اللحم وألا ترى أنه لا يجنى منه المرق كما يُجنى من سائر اللحوم، وهذا لأن اللحم يتولد من الدم والسمك يتولد من الماء والدم في إتيان القوة فوق الماء. فكذا المتولد منه فكان ناقصاً في معنى اللحمية وهو التقوي والتعذي، ولو أكل لحم خنزير أو لحم.... يحنث في يمينه، لأنه لحم حقيقة لأنه ينشأ من الدم لا أنه حرم أكله ولكن الحل والحرمة من أحكام الشرع والاسم حقيقة لا يتغير بأحكام الشرع وكذلك لو أكل لحم البقر أو لحم الغنم أو لحم الإبل يحنث في يمينه. لأن جميع ذلك لحم حقيقة.

والحاصل: أن اسم اللحم اسم جنس فيتناول اللحوم كلها وإذا كانت اللحوم أجناساً مختلفة.

وفي «القدوري» : إذا حلف لا يأكل لحماً فهذا على الحيوان الذي يعيش في البر محرمة كانت أو غير محرمة، وهو إشارة إلى ما قلنا أنّ الحل والحرمة أحكام الشرع فلا يتغير به الاسم حقيقة. ألا ترى أن من حلف لا يشرب شراباً ولا نية له فشرب الخمر إنه يحنث في يمينه، لأنه شراب حقيقة وإن كان حراماً كذا ههنا.

قال في «القدوري» : وأما لحم ما يعيش في الماء كالسمك وغيره فإنه لا يحنث بأكله ثم ينوي إن أكل هذه اللحوم مطبوخاً أو مشوياً أو قديداً ولو أكل.... لم يذكر هذا الفصل في شيء من الكتب نصاً. قال شيخ الإسلام: في «شرح الأيمان» الأصل ينبغي أن لا يحنث في يمينه. قال وأشار إليه محمد رحمه الله في «الأصل» فقد ذكر في «الأصل» ، إذا حلف لا يأكل لحماً ولا نية له فأي لحم أكل بقر أو لحم غنم أو لحم طير مشوّياً كان أو طبيخاً أو قديداً يحنث في يمينه، فهذا من محمد رحمه الله إشارة إلى أنه لا يحنث بأكل النيء.

وذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله عن أبي بكر الإسكاف: أنه لا يحنث في يمينه. وقال الفقيه أبو الليث: عندي إنه يحنث والأشهر والأظهر أنه لا يحنث لأنه عقد يمينه على ما لا يؤكل كذلك عادة فينصرف يمينه إلى الأكل المعتاد، والأكل المعتاد لحم الأكل بعد الطبخ ولو أكل ما يكون في الجوف من الكرش والكبد والطحال يحنث في

<<  <  ج: ص:  >  >>