«شرح الآثار» للطحاوي: إن الركعتين بعد الظهر، والركعتين بعد المغرب يؤتى بهما في المسجد، وأما سواهما فلا ينبغي أن يؤتى بها في المسجد، وهذا قول البعض، وبعضهم قالوا: التطوع في المساجد حسن، وفي البيت أفضل، وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرح كتاب «الصلاة» : أن من فرغ من الفريضة في المسجد في الظهر والمغرب والعشاء، فإن شاء صلى التطوع في المسجد، وإن شاء رجع، فتطوع في منزله.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وليس قبل العيدين صلاة، وإن شاء تطوع بعد الفراغ من الخطبة، قال القاضي الإمام أبو جعفر.....: كان شيخنا أبو بكر الرازي يقول: معنى قول أصحابنا: وليس قبل العيدين صلاة؛ ليس قبل العيدين صلاة مسنونة؛ لأن الصلاة قبلها مكروهة، وقد نص الكرخي على الكراهة في كتابه، فقال: ويكره إن حضر المصلي يوم العيد التنفل قبل الصلاة.
الصلاة على الجنازة في المسجد الذي تقام فيه الجماعة مكروهة، والأصل فيه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له» ، وفي رواية:«لا أجر» ، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى أن يصلى عليه في بيت عائشة رضي الله عنها مع قرب المسجد، ولو لم تكن الصلاة على الجنازة في المسجد مكروهة ما أوصى بالصلاة في بيت عائشة رضي الله عنها؛ ولأن مساجد الجماعة أعدت لأداء المكتوبات، فلا يقام غيرها فيها، وجرى التوارث في الأمصار بإيجاد مكان على حدة لأداء صلاة الجنازة، وإنه دليل على كراهية أداء صلاة الجنازة في مسجد الجماعات، ولأن تنزيه المساجد عن التلوث واجب، وفي إدخال الميت في المسجد احتمال تلويث المسجد بأن يسيل من الميت شيء.
ثم هذه المسألة على أربعة أوجه؛ إن كانت الجنازة والإمام والقوم في المسجد فالصلاة مكروهة بالاتفاق.
وإن كان الإمام مع بعض القوم، والجنازة خارج المسجد وباقي القوم في المسجد؛ ذكر نجم الدين النسفي في «فتاويه» : أن الصلاة غير مكروهة بالاتفاق، وكثير من مشايخنا ذكروا في هذه الصورة اختلاف المشايخ؛ بعضهم قالوا: يكره، وإليه مال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، والشيخ الإمام الزاهد ركن الإسلام الصفار رحمهما الله، وحكي أن هذه الواقعة وقعت في زمن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، فجلس ولم يصل، وتابعه من كان معه في مسجد الأنباء، ثم زجر الناس على المنبر أشد الزجر، وقال: هذه بدعة، وكان هذا القائل يعتمد المعنى الأول في الوجه الأول. وبعض مشايخنا قالوا: لا تكره الصلاة في هذه الصورة، وكان هذا القائل اعتمد المعنى الثالث في الوجه الأول.
وإن كانت الجنازة وحدها خارج المسجد، والقوم مع الإمام في المسجد فمن اعتبر المعنى الأول يقول بالكراهية ههنا، ومن اعتبر المعنى الثالث لا يقول بالكراهية ههنا.