استخفاف بالكعبة؛ ألا ترى أنه يكره الظهور على سطح سائر المساجد، وسقوفها فما ظنك بالكعبة.
وفي «الجامع الصغير» : لو صلى على بساط وفيه تصاوير، ولم يقع سجوده على الصورة لا يكره، ولو وقع سجوده على الصورة يكره؛ لأنه إذا وقع سجوده على الصورة صار المصلي كالمتعبد للصورة، ولا كذلك ما إذا لم يقع سجوده على الصورة، وذكر هذه المسألة في «الأصل» وذكر الكراهية مطلقاً من غير فصل؛ لأن البساط الذي يصلي عليه معظم من بين سائر البسط، فيؤدي إلى تعظيم الصورة، وإذا كانت التصاوير على السقف أو فوق رأس المصلي، أو بين يديه، أو بحذائه على الحائط، أو على الستر أو على الوسادة، والوسادة قائمة أو معلقة يكره، وإن كان التمثال مقطوع الرأس، فليس بتمثال.
يجب أن يعلم بأن الصورة نوعان؛ صورة جماد كالشجر ونحوه، وصورة حيوان، فصورة الجماد لا يكره اتخاذها والصلاة إليها صغيرة كانت أو كبيرة؛ لأن الصلاة إلى مثل هذه الصورة لا تشبه التعبد؛ لأن مثل هذه لا تعبد.
وصورة الحيوان إن كانت صغيرة بحيث لا تبدو للناظر من بعيد لا يكره اتخاذها والصلاة إليها؛ لأن هذا مما لا يعبد، وقد صح أنه كان على خاتم أبي هريرة رضي الله عنه ذبابتان، وكان على خاتم أبي موسى الأشعري كركيان، وكان على خاتم دانيال صلوات الله عليه صورة الأسد، وإن كانت الصورة كبيرة بحيث تبدو للناظر من بعد؛ يكره إمساكها والصلاة إليها؛ لأن إمساك الصورة تشبه بمن يعبد الصنم، والصلاة إليها يشبه تعظيمها وعبادتها فتكره، إلا إذا كانت مقطوعة الرأس، فحينئذٍ لا تكره؛ لأن بدون الرأس لا تعبد، وتفيسر قطع الرأس في هذا الباب أن يمحي رأس الصورة بخيط يخاط عليها، بحيث لا يبقي للأصل أثراً أصلاً، أو يطلي على رأسه شيئاً بحيث لا يبقي للرأس أثراً أصلاً.
وأما إذا خيط ما بين الرأس والجسد، فلا عبرة له، ولا تخرج الصورة به من أن تكون صورة؛ لأنه يصير شبه الطوق، ومن الطيور ما هو مطوق، فلا يخرج به من أن يكون صورة، واختلف المشايخ في رأس الصورة بلا جثة أنه هل يكره اتخاذه والصلاة عنده؟.
ثم الكراهة في الصورة في حق المصلي على التفاوت بعضها فوق بعض، فأشدها كراهة ما يكون على القبلة أمام المصلي، ودونه في الكراهة ما يكون فوق رأس المصلي، ودونه ما يكون خلفه على الحائط، أو على الستر أو على الوسادة، واتخاذ الصورة في البيوت.
والنبات في غير حالة الصلاة على نوعين؛ نوع يرجع إلى تعظيمها فيكره، ونوع يرجع إلى تحقيرها فلا يكره، وعن هذا قلنا: إذا كانت الصورة على البساط مفروشاً لا يكره، وإذا كان البساط منصوباً يكره، وقلنا في حق المصلي على البساط الذي فيه صورة؛ إن كانت الصورة في موضع القدم لا تكره، وإن كانت في موضع السجود تكره.