ومر في قراءته إلى سورة التوبة وقرأها كفاه ما تقدم من الاستعاذة والتسمية، ولا ينبغي له أن يخالف الذين ألفوا وكتبوا المصاحف التي في أيدي الناس، فإن اقتصر على ختم سورة الأنفال، فقطع القراءة، ثم أراد أن يبتدىء سورة التوبة كان كإرادته ابتداء قراءة آية من الأنفال، فيستعيذ ويسمي.
وكذلك سائر السور المعلمة في حالة الحيض تعلم الصبيان حرفاً حرفاً، أي: كلمة كلمة، ولا تعلمهم آية تامة؛ لأن الضرورة تندفع بالأول، والمسقط هي الضرورة. قراءة الفاتحة بعد المكتوبة لأجل المهمات مخافته أو جهراً مع الجمع مكروهة، وكذلك قراءة الكافرون مع الجمع مكروهة؛ لأنها بدعة لم ينقل عن الصحابة، وعن التابعين رضوان الله عليهم أجمعين. القارىء إذا سمع النداء، فالأفضل له أن يمسك ويستمع النداء.
القارىء إذا سمع اسم النبي صلى الله عليه وسلم؛ لا تجب عليه الصلاة؛ لأن قراءة القرآن على نظمه وتأليفه أفضل من الصلاة على النبي عليه السلام، فإذا فرغ من قراءته، إن صلى على النبي عليه السلام فحسن، وإن لم يصلِّ فلا شيء عليه.
في «فتاوى أهل سمرقند» : ورأيت في «فوائد الفقيه أبي جعفر» : أن الرجل إذا كان يقرأ القرآن ويؤذن المؤذن؛ روي عن أبي حنيفة رضي الله عنه: أنه يرد جواب المؤذن بقلبه، وعن محمد: أنه يمضي على القراءة، ولا يلتفت إليه ولا يشغل قلبه، كما لا يشغل لسانه.
مسائل الدعاء
روي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال: يكره للرجل أن يقول في دعائه: اللهم إني أسألك بمقعد العز من عرشك يروى هذا اللفظ بروايتين: بمقعد العز من عرشك عن العقد، وبمقعد العز من عرشك من القعود، فبالرواية الثانية لا شك في الكراهة؛ لأنه وصف الله تعالى بما لا يليق به، وهو القعود والتمكن على العرش، وهو قول المجسمة. وأما في اللفظ الأول؛ فلأنه يوهم تعلق عزه بالعرش، وأن عزه حادث إذا تعلق بالحادث، والله تعالى متعالٍ عن صفة الحدث، وعن أبي يوسف أنه لا يكره؛ قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: وبه نأخذ، فقد جاء في الحديث عن رسول الله عليه السلام أنه كان يقول:«اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم وجدك الأعلى، وكلماتك التامة» .
ويكره أيضاً: أن يقول الرجل في دعائه: اللهم إني أسألك بحق أنبيائك ورسلك؛ لأنه لا حق لأحد من المخلوقين على الله تعالى. وفي «المنتقى» : عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. ويكره أن يقول: أدعوك بمقعد العز من