للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومساً، وكل شيء وإلا لما سمى الظهار منكراً من القول وزوراً، وإذا ثبت هذا في الظهر ثبت في البطن والجنبين.

وذوات المحارم من (يحرم) عليه نكاحهن بالنسب نحو الأمهات والبنات والجدات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، أو ما يحرم بالرضاع، وقد صح أن عائشة رضي الله عنها سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت: إن أفلح يدخل علي وأنا في ثياب فضل، قال عليه السلام: «ليلج عليك أفلح، فإنه عمك من الرضاعة» ، وكذلك الحرمة بالمصاهرة، إذا كانت بالنكاح بلا خلاف.

واختلفوا فيما إذا كانت بالزنا فبعض المشايخ؛ قالوا: لا يثبت بها حل النظر والمس؛ لأن ثبوت الحرمة على الزاني بطريق العقوبة لا بطريق النعمة؛ ولأنه قد جرب مرة وظهرت جناية فلا يؤتمن ثانياً، قال شمس الأئمة السرخسي: والأصح أنه لا بأس بذلك، وقاسه على ما إذا كانت هذه الحرمة بسبب النكاح.

قال محمد رحمه الله: ويجوز له أن يسافر بها، وأن يخلو بها يعني لمحارمه إذا أمن على نفسه، وهذا لقوله عليه السلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر فوق ثلاثة أيام ولياليها إلا ومعها زوجها، أو ذي رحم محرم» ، فقد أباح للمرأة المسافرة مع ذي الرحم المحرم، وإنه يوجب إباحة المسافرة للمحرم معها، ولأن حرمة المسافرة والخلوة بالأجنبيات لخوف الفتنة بواسطة الشهوة، والإنسان لا يشتهي محارمه غالباً، فصار من هذا الوجه كالخلوة والمسافرة مع الجنس، فإن علم أنه يشتهيها، أو تشتهيه لو سافر بها أو خلا بها، أو كان أكثر رأيه ذلك أو شك، فلا يباح له ذلك لما ذكرنا، وإن احتاج إلى حملها، وإنزالها في السفر، فلا بأس بأن يأخذ ببطنها وظهرها من وراء الثياب؛ لأن المس من فوق الثياب لا يفضي إلى الشهوة غالباً، فصار كالنظر، وقد صح أن ابن عمر رضي الله عنهما: رأى رجلاً حمل أمه على عاتقه يطوف بها، ولم ينكر عليه، فإن خاف الشهوة على نفسه أو عليها، فليجتنب بجهده، وذلك بأن يجتنب أصلاً متى أمكنها الركوب والنزول بنفسها، وإن لم يمكنها ذلك تكلف المحرم في ذلك زيادة تكلف بالثياب حتى لا تصل إليه حرارة بدنها، وإن لم يمكنه ذلك؛ تكلف لدفع الشهوة عن قلبه يعني: لا يقصد بما فعل قضاء الشهوة.

وأما النظر إلى إماء الغير، والمدبرات وأمهات الأولاد، فهو كنظر الرجل إلى ذوات محارمه، والأصل في ذلك ما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كن جواري عمر رضي الله عنه يخدمن الضيفان كاشفات الرؤوس مظهرات اليدين، ولأن الأمة تحتاج إلى الخروج لحوائج مولاها، وإنما تخرج في ثياب مهنتها، فحالها مع جميع الرجال في معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>