بالفضة، يريده إذا تحركت الأسنان وخيف سقوطها، فأراد صاحبها أن يشدها شدها بالفضة ولا يشدها بالذهب، وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه، وقال محمد: يشدها بالذهب أيضاً، ولم يذكر في «الجامع الصغير» قول أبي يوسف؛ قيل: هو مع محمد، وقيل: هو مع أبي حنيفة رضي الله عنه.
وعلى هذا الخلاف إذا خلع أنفه أو أذنه فأراد أن يتخذ أنفاً أو أذناً من ذهب أو فضة، فعلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه: يتخذ ذلك من الفضة دون الذهب، وعند محمد من الذهب أيضاً.
وعلى هذا الاختلاف إذا سقط منه فأراد أن يتخذ سناً آخر على قول أبي حنيفة رضي الله عنه يتخذ من الفضة دون الذهب، وعند محمد يتخذ من الذهب أيضاً.
حجة محمد رحمه الله: ما روي أن عرفجة أصيب أنفه يوم الكلاب، فأخذ أنفاً من الفضة، فأنتن فأمره رسول الله عليه السلام أن يتخذ أنفاً من ذهب.
وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول: الشرع حرم استعمال الذهب على الرجال من غير فصل، قال عليه السلام:«هذان حرامان على ذكور أمتي» ، غير أن الاستعمال لحاجة خارج عن التختم، والحاجة تندفع بالفضة وحكمه أقل، فلا يباح الذهب كما في التختم، وأما حديث عرفجة قلنا: الحاجة في حقه لا ندفع بالفضة حيث أنتن، وذكر هذه المسألة في «النوادر» ، وذكر الخلاف فيها على الوجه الذي ذكر في «الجامع الصغير» فقال: على قول محمد يشدها بالذهب أيضاً؛ قال بشر: وهو قول أبي يوسف، قال: ثم رجع أبو يوسف وقال: لا يشدها بالذهب، وهو قول الشافعي رحمه الله.
وذكر الحاكم في «المنتقى» : لو تحرك ثنية رجل وخاف سقوطها فشدها بذهب أو فضة، لم يكن به بأس عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه فرق بين السن والأنف، فقال في السن: لا بأس بأن يشدها بالذهب، وفي الأنف كره ذلك، قال:؛ لأن الأنف شيء ظاهر، فكان اتخاذ ذلك راجعاً إلى الزينة، فكان كاستعمال الحرير، واتخاذ الخاتم من الذهب، وأما السن فشيء باطن، فلم يكن اتخاذ ذلك راجعاً إلى الزينة، فصار كمسمار الذهب في فص الخاتم.
ومما يتصل بهذا الفصل
ما روى بشر عن أبي يوسف في «الأمالي» : أنه إذا سقط ثنية رجل، فإن أبا حنيفة رضي الله عنه يكره أن يعيدها ويشدها بذهب أو فضة، وكان يقول: هي كسن منه يشدها مكانها؛ قال: ولكن يأخذ سن شاة ذكية ويشد مكانها، وقال أبو يوسف: لا بأس بأن يشد ثنية مكانه؛ قال أبو يوسف: بين سنه وبين سن ميت فرق، وإن لم يحضرني، قال بشر: قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن ذلك في مجلس آخر، فلم يرَ بإعادتها بأساً.