للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبينا عليه الصلاة والسلام، قال: «عليكم بالبز، فإن أباكم إبراهيم كان بزازاً» ، وداود عليه السلام كان يصنع الدرع، وسليمان عليه السلام كان يصنع المكاييل، وزكريا عليه السلام كان نجاراً، وعيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه، وربما كان يلتقط السنابل، فعلم أن الكسب طريق الأنبياء والمرسلين صلاة الله عليهم أجمعين، ونحن أمرنا بالاقتداء بهم قال الله تعالى: {فبهداهم اقتده} (الأنعام:٩٠) .

ثم الكسب على مراتب، فمقدار ما لابد لكل أحد منه يعني ما يقيم به صلبه يفترض على كل أحد اكتسابه ههنا؛ وكذلك إذا كان له عيال من زوجة، وأولاد صغار، فإنه يفترض عليه الكسب بقدر كفايتهم عيناً؛ لأن نفقة الزوجة مستحقة على الزوج، وكذلك نفقة الولد مستحقة على الوالد، ولا يتوصل إليها إلا بالكسب، فصار الكسب مستحقاً عليه، وكذلك إذا كان له أبوان معسران يفترض عليه الكسب بقدر كفايتهما؛ لأن نفقتهما فرض عليه، وما زاد على قدر كفايته وكفاية عياله مباح إذا لم يرد به الفخر والرياء.

ثم المذهب عند جمهور الفقهاء: أن جميع أنواع الكسب في الإباحة على السواء فبعض الفقهاء قالوا: الزراعة مذمومة، والصحيح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أزدء بالحرف قال عليه السلام: «اطلبوا الرزق في خبايا الأرض» يعني الزراعة، فكان لابن مسعود والحسن بن علي وأبي هريرة أراض بسواد العراق يزرعونها ويؤدون خراجها.

ثم اختلف مشايخنا في التجارة والزراعة أيهما أفضل؛ قال بعضهم: التجارة أفضل، قال عمر رضي الله عنه: لأن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله أحب إليَّ من أن أقتل مجاهداً في سبيل الله. وأكثر مشايخنا على أن الزراعة أعم نفعاً؛ لأنه يتناول مما حصل بزرعه هو والدواب.

قال: وعلى الناس اتخاذ ... لنقل الماء إلى النساء؛ لأنها تحتاج إلى الماء للشرب، ولا يمكنها الخروج للشرب من الأنهار، والحياض؛ لأنهن أمرن بالقرار في البيوت، فكان على الزوج أن يأتي بذلك إليها؛ لأن الشرع ألزمه ما هو من حوائجها كالنفقة، والماء من حوائجها.

قال: ومن امتنع من الأكل حتى مات وجب عليه دخول النار؛ لأنه قتل نفسه قصداً، فهو بمنزلة ما لو قتل نفسه بحديدة. وفي «واقعات الناطفي» : إسكاف أمره إنسان أن يتخذ له خفاً مشهوراً على زي الفسقة أو المجوس، وزاد له في الأجرة له أن يفعل ذلك، وكذلك الخياط إذا أمره إنسان أن يخيط له ثوباً على زي الفساق، وذلك مكعب الرجال مع سرير وقع الزنار من النصارى، وبيع قلنسوة المجوس من المجوسي جائز من

<<  <  ج: ص:  >  >>