الحيوانات لا بأس به عندنا، ومن الناس من كرهه، والذي كرهه احتج بما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إخصاء الإبل والبقر والغنم والخيل، وقوله تعالى:{ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}(النساء:١١٩) يشهد لما قالوا أويؤيد ما رووا، وعندنا لا بأس بإخصاء سائر الحيوانات سوى بني آدم، وتأويل الآية إخصاء بني آدم هذه الجملة من شرح «السير» ، وهذا هو التأويل لقوله عليه السلام:«لا خصاء في الإسلام» ، وقيل: تأويل الحديث أن يخصي الرجل نفسه وإنه حرام. وفي إجارات «الأصل» : إن إخصاء بني آدم حرام بالاتفاق، فأما إخصاء الفرس فقد ذكر شمس الأئمة الحلواني في «شرحه» : أنه لا بأس به عند أصحابنا، وذكر شيخ الإسلام في «شرحه» : أنه حرام، وقد صح عن عمر رضي الله عنه: أنه نهى عن إخصاء الفرس، وأما غيره من البهائم فلا بأس به إذا كان فيه منفعة، وإذا لم يكن فيه منفعة فهو حرام، وفي أضحية «النوازل» في إخصاء السنور إنه لا بأس به إذا كان فيه منفعة أو دفع ضرره. وفي «الواقعات» : لا بأس بإخصاء البهائم إن كان يراد به إصلاح البهائم، فأما كي البهائم فقد كرهه بعض المشايخ، وبعضهم جوزوه؛ لأن فيه منفعة ظاهرة فإنها علامة، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن كي الحيوان على الوجه، فهذا يشير إلى جوازه على غير الوجه. (٩٦ب٢)
وفي «النوازل:» إذا وقت يوم الجمعة لقلم الأظفار إن رأى أنه جاوز الحدّ قبل يوم الجمعة ومع هذا يؤخر إلى يوم الجمعة يكره؛ لأن من كان ظفره طويلاً كان رزقه ضيقاً، وإن لم يجاوز الحدود فيه تبركاً بالأخبار فهو مستحب؛ لأن عائشة رضي الله عنها روت عن النبي عليه السلام أنه قال:«من قلم أظافره يوم الجمعة أعاذه الله تعالى من البلايا إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام» .
ولو قلم أظفاره أو جز شعره يجب أن يدفن، وإن رمى فلا بأس، وإن رماه في الكنيف والمغتسل فهو مكروه، ويغسل؛ لأنه يورث الدّاء.
وينبغى للرجل أن يأخذ من شاربه حتى يصير مثل الحاجب، قال الفقيه رحمه الله تعالى: وقد استدلّ بعض المشايخ من أصحابنا بهذه المسألة أن رجلاً لو توضأ ولم يصل الماء إلى ما تحت شاربه أنه يجوز؛ لأنه رخص في مقدار الحاجب، ثم لو لم يصل الماء تحت الحاجب يجوز، فكذا هذا وبه نأخذ وعليه الفتوى، وهذا الذي ذكرنا كله في حق غير الغازي، فأما الغازي في دار الحرب يندب إلى تطويل الأظفار ليكون سلاحاً له،