يحتال كل حيلة لدفعه عن نفسه؛ لأن دفع.... مشروع بأي طريق يكون الدفع.
قال هشام في «نوادره» : رأيت على أبي يوسف نعلين مخصوفتين بمسامير إلى زيد قلت له: أترى بهذا الحديث بأساً، فقال: لا، فقلت: إن سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك؛ لأنه تشبه بالرهبان، فقال أبو يوسف: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي بها شعر، وإنها من لباس الرهبان، فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما يتعلق به صلاح العبد لا يضر، وقد تعلق بهذا النوع من الأحكام صلاح العباد، فإن من الأراضي ما لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع من الأحكام.
قال في «الجامع الصغير» : ويكره هذه الخرقة التي تحمل، ويمسح بها العرق، وهكذا ذكر في «القدوري» ، من أصحابنا من قال: الكراهة في الخرقة التي لها قيمة؛ لأن إعداد ما له قيمة لإزالة العرق فيه تضييع لماله، ومنهم من قال بالكراهة على كل حال، وإطلاق لفظ «الكتاب» دل عليه، وإنما كره؛ لأنه بدعة محدثة لم يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام، ولا الصحابة والتابعون رضي الله عنهم، وإنما كانوا يمسحون العرق بأطراف أثوابهم، ولأن فيه ضرب من التكبر وتشبه بزي الأعاجم، وكذلك الخرقة التي يمخط بها مكروهة، والخرقة التي يمسح بها الوضوء محدثة، ومنهم من طعن في ذلك لتوارث المسلمين ذلك، والحاصل أن من فعل شيئاً من ذلك تكبراً فهو مكروه وبدعة، ومن فعل ذلك لحاجة لا يكره، وهو نظير التربع في الجلوس والاتكاء قد يفعل الرجل نحوه تكبراً فيكره، وقد يفعله لحاجة فلا يكره، وحكي عن الحاكم الإمام أنه كان يكره استعمال الكواغد في وليمة ليمسح بها الأصابع، وكان يشدد فيه، ويزجر عنه زجراً بليغاً، ولا بأس بأن يربط الرجل في إصبعه خاتماً أو خيطاً للحاجة إلى التذكر، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بعض أصحابه بذلك.
قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: ولا ينتفع من الخنزير بجلده ولا بغيره إلا الشعر للأساكفة، وقال أبو يوسف: يكره بالشعر أيضاً، وقول أبي حنيفة أظهر؛ لأن حاجة الأساكفة إلى شعرها حاجة ماسة إذ غيرها لا يقوم مقامها في إقامة مصلحة الخرز.
قال الفقيه أبو الليث: قد رخص بعض الناس أن يشرب الرجل قائماً، وكرهه بعضهم إلا من عذر وبه نقول.
التضحية بالديك أو بالدجاج في أيام التضحية ممن لا أضحية عليه لعسرته تشبهاً بالمضحين مكروه، ذكره الشيخ الإمام الزاهد الصفار في كتاب «بيان التوحيد» بالفارسية، وقال: هذا من رسم المجوس، روى نصر بن يحيى بإسناد له عن محمد بن الحسن رحمه الله أنه ليس للعالم من بيت المال نصيب؛ لأنه وارث الأنبياء، وقد قال الله تعالى في حق الأنبياء:{قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}(الشورى: ٢٣) وقال تعالى: {إن