استيلاد جارية الابن لحاجته إلى ذلك، والحاجة إلى النفقة لبقاء نسبه فوق الحاجة إلى الاستيلاد لبقاء نسله، وإذا بقي أثر الولاية؛ لأنه كان حاله كحال الوصي في الوارث الكبير الغائب، وقد ثبت للوصي حق بيع المعروض دون العقار كذا ههنا.
وإن كان المفقود وديعة أو دين؛ أنفق القاضي من ذلك على زوجته وولده وأبويه إذا كان المودع مقراً بالوديعة، والمديون مقراً بالدين، وذكر هذه المسألة في كتاب «النكاح» من «الأصل»(١١١ب٢) وشرط إقرارهما بالنكاح والمال، وههنا لم يشترط إقرارهما بالنكاح، وليس في المسألة اختلاف الروايتين، بل إنما اختلف الجواب لاختلاف الوضع، موضوع ما ذكرنا في كتاب «النكاح» : أن النكاح والنسب لم يكن معلوماً للقاضي، فشرط إقرار صاحب اليد لهما.
وموضوع ما ذكر ههنا: أن النكاح والنسب كان معلوماً للقاضي فلم يشترط إقرارهما بالنكاح والنسب، فإن أعطاهم الرجل شيئاً بغير أمر القاضي، فالمودع يضمن ولا يبرأ المديون، وإن أعطاهم بأمر القاضي فالمودع لا يضمن، والمديون يبرأ، وللقاضي أن ينصب وكيلاً في جميع غلات المفقود؛ طلب الورثة ذلك أو لم يطلبوا، ولهذا الوكيل أن يتقاص ويقبض، ويخاصم من يجحد حقاً وجب بعقد جرى بينه وبين هذا الوكيل؛ لأن الوكيل في حق الحقوق بمنزلة المالك، أما كل دين كان المفقود تولاه أو نصب كان له في عقار، أو عرض في يدي رجل، أو حق من الحقوق، فإن هذا الوكيل لا يخاصم؛ لأنه ليس بمالك، ولا نائب عن المالك في الخصومة في ذلك؛ لأنه وكيل بالقبض، والوكيل بالقبض من جهة القاضي لا يملك الخصومة بلا خلاف، وإنما الخلاف في الوكيل بالقبض، والوكيل بالقبض من جهة القاضي المالك؛ قال في «الكتاب» : إلا أن يكون القاضي ولاه ذلك ورآه، وأنفذ الخصومة بينهم فإنه يجوز.
وعلل فقال: لأن هذا مما اختلف فيه القضاء، وهذا بناءً على أنه ليس للقاضي أن يقضي على الغائب وللغائب إلا إذا كان عنه خصم حاضر عندنا، ولو قضى ينفذ قضاؤه لكونه واقعاً في فصل مجتهد فيه، وكذا لا ينبغي للقاضي أن ينصب وكيلاً عن الغائب وللغائب، ولو فعل ينفذ قضاؤه بالإجماع لما قلنا.
ثم أشار ههنا إلى أن القضاء على الغائب وللغائب نفاذه لا يتوقف على إمضاء قاضٍ آخر، وهذا إشارة إلى أن نفس القضاء ليس بمختلف فيه، أما المجتهد بسبب القضاء أن البينة هل هي حجة يثبته الخصم، وفي «شرح الجامع» مما علقته على والدي * تغمده الله بالرحمة * أن نفس القضاء مختلف فيتوقف على إمضاء قاضٍ آخر كما لو كان القاضي محدوداً في قذف.
وإن ادعى رجل على المفقود حقاً لم يلتفت إلى دعواه، ولم تقبل منه البينة، ولم يكن هذا الوكيل ولا أحد من الورثة خصماً له، وإن رأى القاضي سماع البينة، وحكم به بعد حكمه بالإجماع، وإذا رجع المفقود حياً لم يرجع في شيء مما أنفق القاضي أو وكيله بأمره على زوجته وولده من ماله ودينه وغلته، وكذلك ما أنفقوا على أنفسهم من دراهم أو