ثم إن عند أبي حنيفة تعتبر القيمة يوم القضاء والخصومة، وعند أبي يوسف تعتبر قيمته يوم الغصب، وعند محمد تعتبر قيمته في آخر يوم كان موجوداً وانقطع، ثم إن مشايخنا استثنوا من الموزونات الناطف المبرز، والدهن المربى فقالوا بضمان القيمة فيهما؛ لأن الناطف يتفاوت بتفاوت البزر، وكذلك الدهن المربى.
وإن كان المغصوب مثلياً فلقيه في بلد آخر والمغصوب قائم في يده والقيمة في هذا البلد مثل القيمة في بلد الغصب أو أكثر منها، فالمغصوب منه يأخذ المغصوب، وليس له أن يطالبه بالقيمة، وإن كان سعره في هذه البلد أقل من سعره في بلد الغصب فالمغصوب منه بالخيار؛ إن شاء أخذه في هذا البلد بقيمته في بلد الغصب، وإن شاء انتظر؛ لأنه يأخذ العين.w
وإن كان يصل إليه عين حقه ولكن مع ضرر لحقه من قبل الغاصب، فكان له أن لا يلتزم الضرر، ويطالبه بقيمة ذلك البلد، وإن شاء انتظر بخلاف ما إذا وجده في البلد الذي غصب فيه، وقد انتقص السعر حيث لا يكون له الخيار؛ لأن النقصان ما حصل بفعل الغاصب بل هو مضاف إلى قلة رغبات الناس، فأما إذا نقله إلى بلد آخر، فالنقصان مضاف إلى فعل الغاصب. وهذه الجملة في «القدوري» .
ومن هذا النوع مذكور في «المنتقى» وصورته: غصب من آخر دواء بالكوفة وردها عليه بخراسان (١١٠أ٢) فإن كانت قيمتها بخراسان أقل من قيمتها بالكوفة فالمغصوب منه بالخيار؛ إن شاء أخذها، وإن شاء أخذ قيمتها بالكوفة، وإن كانت قيمتها بخراسان مثل قيمتها بالكوفة أمر المغصوب منه بأخذها؛ قال: وكذلك الخادم، وكل ماله حمل ومؤنة إلى ذلك الموضع قال: وكذلك ما كان..... إلا الدراهم والدنانير، فإنه يأخذها حيث وجدها، وليس له أن يطالبه بالقيمة؛ لأنها الأثمان التي تجري عليها بياعات الناس، ومعناه أن معنى الثمنية لا يختلف باختلاف الأماكن، فلا يطالبه لغيره، وإن شاء أخر المطالبة؛ لأنها حقه.
وإن كان المغصوب مثلياً، وقد هلك في يد الغاصب، فإن كان السعر في المكان الذي التقيا مثل السعر في مكان الغصب، أو أكثر يدين برد المثل، وإن كان السعر في هذا المكان أقل، فهو بالخيار؛ إن شاء أخذ قيمة العين حين غصب، وإن شاء انتظر؛ لأنه إذا رد في المكان الذي طالبه به يستضر به، فإن اختلاف القيمة في المكانين لأجل الحمل والمؤنة، فصار كما لو كانت العين قائمة، ونقلها إلى بلدة أخرى، فكان بالخيار؛ إن شاء أخذ القيمة، وإن شاء انتظر، وإن كانت القيمة في مكان الخصومة أكثر، فالغاصب بالخيار؛ إن شاء أعطى مثله، وإن شاء أعطى قيمته حيث غصب؛ لأن المالك لا يستحق إلا الرد في مكان الغصب، فلو ألزمناه تسليم المثل ههنا يستضر الغاصب، فإنه أدركته زيادة قيمة لا يستحق المغصوب منه، وفي التأخير إلى العود إلى مكان الغصب إضرار