هكذا ذكر في «واقعات الناطفي» وتأويله الصحيح: أن السقوط لم يكن بفعله ويده.
دفع إلى خياط كرباساً ليخيط له قميصاً، فخاط قميصاً فاسداً، وعلم صاحب الثوب بالفساد، فلبسه مع ذلك، فلا ضمان؛ لأنه لبسه مع العلم رضاءً بالفساد، ويعلم عن هذه المسألة كثير من المسائل.
إذا ذبح شاة إنسان لا يرجى حياتها ضمن، والراعي والبقار في مثل هذا لا يضمن، هكذا ذكر الصدر الشهيد في الباب الأول من شركة «واقعاته» .
وجواب محمد رحمه الله في «الأصل:» أن الراعي يضمن، وهو القياس في المسألة في باب إجارة الراعي، فالصدر الشهيد رحمه الله، فرق بين الراعي والبقار وبين الأجنبي، فضمن الأجنبي، ولم يضمن الراعي والبقار، والفقيه أبو الليث رحمه الله سوى بينهما فقال: لا يضمن الأجنبي كما لا يضمن الراعي لوجود الإذن بالذبح في هذه الحالة في حق الكل.
وكذلك الجواب في البعير؛ لأن الذبح في هذه الحال لإصلاح اللحم، وأما في الحمار والبغل، فلا يذبح؛ لأن ذبحهما ليس لإصلاح اللحم، وفي الفرس أيضاً لا يذبح؛ لأن ذبحه ليس لإصلاح اللحم عند أبي حنيفة رضي الله عنه؛ لأن كراهته كراهة تحريم عنده وهو الصحيح.
إذا رفع التراب من أرض الغير إن لم يكن للتراب قيمة في ذلك الموضع إن انتقص الأرض برفعه ضمن النقصان، وإن لم ينتقص فلا شيء عليه، فلا يؤمر بالكثير، وإن قال به بعض العلماء، وإن كان للتراب قيمة في ذلك الموضع ضمن قيمته تمكن في الأرض أو لم يتمكن.
في «أدب القاضي» للخصاف في آخر باب اليمين: الصراف إذا غمز الدراهم وكسرها ضمن، إلا إذا قال المالك: اغمز، في غصب «العيون» ، وكذلك دفع إليه قوساً، وقال له: أده فمده فهده، وانكسر؛ يضمن إلا إذا قال له مدة في هذه الموضع أيضاً.
وفي صرف «المنتقى» : عن أبي يوسف في الصيرفي إذا انتقد الدراهم بإذن صاحبها فغمز درهماً فانكسر، قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا ضمان، وقال أبو يوسف: إن كان الناس إنما يعرفون الدراهم بالغمز فلا ضمان.
والمختار للفتوى أن صاحب المال إن أمره بالغمز فلا ضمان، وإن لم يأمره بالغمز، فإن كان الناس إنما يعرفون الدراهم بالغمز، فلا ضمان عليه أيضاً، ويثبت الإذن بالغمز دلالة إذا كانت الحالة هذه إذا طبخ لحم غيره بغير إذنه ضمن، ولو جعل صاحب اللحمِ اللحمَ في القدر ووضع القدر على الكانون ووضع تحتها الحطب، فأوقد النار وطبخ، فإنه لا يضمن استحساناً، ومن هذا الجنس مسائل أحدها هذه.
المسألة الثانية: إذا طحن حنطة غيره بغير أمره ضمن، ولو أن صاحب الحنطة جعل الحنطة في الدورق، وربط عليه الحمار في آخر، وساق الحمار فطحن لا يضمن.
المسألة الثالثة: إذا رفع جرة غيره بغير أمره فانكسر يضمن، ولو أن صاحب الجرة رفع الجرة فأمالها إلى نفسه، فجاء إنسان وأعانه على الرفع فانكسر فيما بين ذلك، لا يضمن.
المسألة الرابعة: من حمل على دابة غيره بغير أمره حتى هلكت الدابة يضمن، ولو حمل المالك على دابته شيئاً ثم سقط في الطريق فجاء إنسان وحمل بغير إذنه، فهلكت الدابة لا يضمن.