للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الدابة، وإن لم يأمره يضمن هذه الجملة في الباب الأول من غصب «الواقعات» .

رجل أرسل دابة وكان سائقاً لها، فأصابت شيئاً ضمن السائق، ولو أرسلها إلى جهة، ولم يكن سائقاً لها، فأصابت في وجهها ذلك؛ ضمن صاحبها بخلاف ما إذا أرسل كلباً أو بازياً على صيد، فأتلف شيئاً في حرزه ذلك حيث لا يضمن صاحبها إذا لم يكن سائقاً للكلب إلى الصيد وإرسال الكلب إلى الصيد يخالف إرساله إلى إنسان، فإن من أرسل كلبه إلى إنسان، فأصابه؛ ضمن المرسل، وإن لم يكن سائقاً للكلب؛ قال: فلو أن الدابة لم تذهب إلى وجهها؛ بل انعطفت يميناً وشمالاً، وأصابت شيئاً فلا ضمان على صاحبها إذا كان لها طريق في وجهها ذلك، وإن لم يكن لها طريق في وجهها ذلك، وإنما الطريق له يمين، وشمال لا غير، فانعطف وأصابت شيئاً (فيضمن) صاحبها، وإن وقفت ثم سارت فما أصابت بعد ذلك، فلا ضمان على صاحبها؛ لأن حكم إرساله قد انقطع لما وقف ساعة.

بخلاف الكلب إذا أرسل على صيد، فوقف ساعة، فإن الإرسال لا ينقطع حتى لو أخذ الصيد بعد ذلك رجل، وكذلك إذا أرسل حماره، فدخل زرع إنسان، فأفسده إن ساقها إلى الزرع ضمن، وإن لم يسق بأن لم يكن خلفه إن لم ينعطف عليه يميناً وشمالاً؛ بل ذهب إلى الوجه الذي أرسلها صاحبها، فأصابت الزرع؛ ضمن صاحبها، وإن انعطفت يميناً وشمالاً، فهو على التفصيل الذي قلنا؛ هذه الجملة في شرح ديات شيخ الإسلام؛ في باب جناية الراكب.

وإن وجد الرجل دابة في مربط، فأخرجها، ولم يسقها بعد الإخراج، فأكلها الذئب؛ ضمن قيمتها.

فرق بين هذا، وبينما إذا وجدها في كرمه أو زرعه فأخرجها، ولم يسقها بعد الإخراج، فأكلها الذئب حيث لا يضمن قيمتها، والفرق أن الدابة لا تفسد المربط، فكان في إخراجها عن المربط مضيعاً للدابة لا دافعاً شرها عن نفسه، أما الدابة تفسد الزرع والكرم، فكان الإخراج في هذين الوجهين لدفع ضرر الدابة لا تضييعاً لها، وإن وجد دابة في كرمه أو زرعه فحبسها في منزله فهلكت؛ ضمن قيمتها لصاحبها؛ لأنه ليس له ولاية الحبس، فيصير بالحبس غاصباً مضموناً.

ذكر في «السير الكبير» على سبيل الاستشهاد أن من أخذ جلود دابة لرجل، فدبغها، وفعلها فرواً؛ ينقطع حق المالك عن الجلود، وكان الفرو للعامل وغرم قيمة الجلود لما ملكها. ولو أخذ جلود ميتة وجعلها فرواً؛ ثم دبغها لا ينقطع حق المالك عن العين، ويقوّم الفرو جلداً غير معمول، ويقوم معمولاً، فإن شاء العامل إعطاء قيمة جلده ذكياً غير معمول، وإن شاء باع الفرو فقسم ثمنه على قيمة الجلد ذكياً غير معمول، وعلى قيمته فرواً معمولاً فما أصاب الجلد كان لصاحبه، وما أصاب العمل كان لصاحب العمل.

والفرق بين الجلود الذكية وبين الميتة: أن الصنعة في الذكاة إنما جعلت في جلد يضمن بالغصب والاستهلاك، فأوجبت انقطاع حق صاحب العين عن العين، وفي جلد

<<  <  ج: ص:  >  >>