اً على طلب المالك بأن قال له المالك: ما حال وديعتي ليشكره على الحفظ، فقال: ليس لك عندي وديعة، فلا ضمان في قول أبي يوسف؛ هذا كله في المنقول.
وأما إذا جحد الوديعة في العقار ذكر شمس الأئمة هذا في «شرحه» أنه لا ضمان في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف الآخر في جميع الوجوه؛ لأن جحود الوديعة بمنزلة الغصب، ومن المشايخ من قال: العقار يضمن بالجحود بلا خلاف؛ قال شمس الأئمة الحلواني في ضمان الجحود، وفي العقار عن أبي حنيفة روايتان.
وفيه أيضاً بشر عن أبي يوسف: رجل استودع رجلاً وديعة فجحدها إياه، ثم أخرجها بعينها، وأقر بها، وقال لصاحبها: اقبضها، فقال صاحبها: دعها وديعة عندك، فضاعت بعد ذلك؛ قال: إن تركها عنده، وهو قادر على أخذها إن شاء فهو بريء، وهي وديعة عنده، وإن كان لا يقدر على أخذها فهو على الضمان الأول؛ يعني به الضمان الثابت بالجحود، فإن الوديعة دخلت في ضمانه، وكذلك إذا قال: اعمل به مضاربة.
في «المنتقى» بشر عن أبي يوسف: إذا قال المودع لصاحب الوديعة وهبت مالي الوديعة وأنكر صاحبها ذلك، فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يجحدها، وإن طلبها صاحبها فمنعها عنه؛ ضمن بالمنع.
أودع طستاً عند غيره، فوضع المودع الطست على رأس التنور في بيته، فوقع عليه شيء، فانكسر، فالجواب فيه على التفصيل؛ إن كان وضعه على رأس التنور يغطي به التنور يضمن، وإن كان وضعه كما يوضع في العادة لا لأجل التغطية لا يضمن؛ لأن في الوجه الأول مستعمل، وفي الوجه الثاني لا.
ومن هذا الجنس أودع عند رجل طبقاً؛ فوضع المودع الطبق على رأس الجب، فضاع؛ إن كان الوضع (لا) على وجه الاستعمال لا يضمن.
وطريق معرفة ذلك: أن ينكر أن كان في الجب شيء نحو الماء، والدقيق، أو نحو ذلك مما يغطى رأس الجب لأجله؛ كان استعمالاً، وإن كان خالياً أو كان فيه شيء لا يغطى رأس الجب لأجله لم يكن استعمالاً، وإذا أخذت المرأة ثوب الوديعة، وسترت العجين فهي ضامنة، وهذا استعمال وليس بحفظ.
في «العيون» : الدابة المودعة إذا أصابها شيء، فأمر المودع إنساناً أن يعالجها فعطبت من ذلك (١٢٨أ٢) فصاحب الدابة بالخيار؛ يضمن أيهما شاء، فإن ضمن المستودع لم يرجع هو على الذي عالجها؛ لأنه تبين أنه عالج دابته بأمره، وإن ضمن الذي عالجها هل يرجع هو على المستودع؟.
فالمسألة على ثلاثة أوجه: إما أنه علم أنه دابة المودع، أو لم يكن علم أنها لغيره، أو علم أنها لغيره بأن أخبره أنها ليست بدابتي، ولم أؤمر فيها بهذا.
ففي الوجه الأول: يرجع؛ لأن الأمر قد صح فانتقل الفعل إليه.
وفي الوجه الثاني: كذلك فرق بين هذا، وبين مسألة حفر البئر في الحائط على ما مر ذكرها في كتاب الغصب.