استوائهما وزناً؛ لأنه يأخذ من موضع الحمل من الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة، فصار ذلك داخلاً في الإذن.
الثالث: إذا خالف إلى ما هو أضر بالدابة؛ بأن استعارها ليحمل عليها حنطة، فحمل عليها آجراً أو حديداً أو لبناً مثل وزن الحنطة فهو ضامن؛ لأن هذا يأخذ من ظهر الدابة أقل، فكان أدق على الدابة، فيكون أضر بالدابة، وكذا إذا حمل عليها في هذه الصورة قطناً أو تبناً أو حطباً أو تمراً؛ لأن هذا يأخذ ما وراء موضع الحمل، وذلك أضعف فيكون أضر بالدابة.
الرابع: أن يخالف في أن استعارها ليحمل عليها عشرة مخاتم حنطة، فحمل عليها خمسة عشر مختوماً، فهلكت الدابة، وفي هذا الوجه يضمن ثلث قيمتها، وهذا بخلاف ما إذا استعار ثوراً ليطحن به عشرة مخاتم حنطة، فطحن أحد عشر حيث يضمن جميع قيمة الدابة.
وموضع الفرق: أول كتاب العارية من شرح شمس الأئمة السرخسي، وهذا إذا كانت الدابة تطيق حمل خمسة عشر مختوماً، فإن كانت لا تطيق يصير متلفاً لها، فيضمن جميع قيمة الدابة، أخذ المستعير في مكان آخر ضمن، وإن كانا في المسيل مثل الطريق المشروط؛ لأن الطرق متفاوتة في السهولة والصعوبة، في الخشونة واللين، فكان خلافاً إلى شر.
استعار دابة ليركبها هو، فحمل مع نفسه (١٣٢أ٢) رجلاً وهلكت الدابة؛ ضمن النصف، ولا يعتبر الثقل، والخفة كما يعتبر في حق الأحمال؛ قالوا: وهذا إذا كانت الدابة تطيق حمل رجلين، فأما إذا كانت لا تطيق حمل رجلين؛ ضمن الكل.
إذا استعار الدابة من آخر ليركبها إلى مكان معلوم، وأخذ بها في طريق آخر، فعطبت؛ هل يضمن؟ فهذا على وجهين: إن ذهب بها إلى ذلك المكان في طريق لا يسلكه الناس، فهو ضامن، وإن كان طريقاً مسلوكاً لا يضمن؛ وذلك لأنه لما استعارها للذهاب إلى المكان المسمى، ولا يمكنه الذهاب إليه إلا بطريق؛ لأنه من إدخال الطريق تحت الإذن، فأدخلنا تحت الإذن الطريق المسلوك باعتبار العرف، والعادة لا غير المسلوك، وإذا أدخل تحته المسلوك صار كأنه نص على ذلك، فقال: اذهب إلى مكان كذا في طريق يسلكه الناس، ولو نص على هذا إذا ذهب بها في طريق لا يسلكه الناس، يصير ضامناً، فإذا ذهب بها في طريق يسلكه الناس لا يضمن، فكذا هذا.
وفي «فتاوى» شمس الإسلام محمود الأوزجندي: إذا سلك طريقاً ليس هو طريق الجادة، وهو الذي يقال بالفارسية: يريبه يضمن.
استعار دابة ليركبها في حاجة مسماة إلى ناحية من نواحي الكوفة، فأخرجها إلى الفرات ليسقيها، والناحية التي استعارها إليه من غير ذلك المكان، فهلكت، فهو ضامن لها؛ لأنه أخرجها في ناحية لم يؤذن له في الإخراج إليها أصلاً من غير ضرورة؛ لأنه يمكنه سقيها بالإخراج في الناحية التي أذن له بالركوب فيها، فيصير متعدياً ضامناً.