للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوقت المذكور حتى لا يبقى بعد مضي الوقت؟ لم يذكر محمد هذا الفصل في «الأصل» ، وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه مؤقت، وضعف الطحاوي هذه الرواية.

وقال: نص في كتاب وكالة «الأصل» أن من وكل رجلاً ليشتري له عبداً اليوم، أو ليبيع له عبداً اليوم إن الوكالة لا تتوقت باليوم، وغيره من المشايخ صححوا هذه الرواية وقالوا: ما ذكر في الشركة تصير (١٣٦أ٢) رواية في الوكالة، وما ذكر في الوكالة تصير رواية في الشركة، فصار في المسألة روايتان على قول هؤلاء وهو الصحيح.

ولم يذكر محمد في «الأصل» ما إذا لم يذكر لفظة الشركة، ولكن قال أحدهما للآخر: ما اشتريت اليوم من شيء، فهو بيني وبينك ما حكمه وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا يصح؛ إلا إذا ذكر لفظة الشركة، أو ما يدل على الشركة؛ بأن قال: ما أشتري اليوم وما اشتريت، فهو بيني وبينك، أما بدون ذلك لا يجوز ما لم يكن الرأي مفوضاً إلى الوكيل بأن قال: إذا اشتريت ما رأيت اليوم، أو ما شئت اليوم، فهو بيننا.

وروى أبو سليمان عن محمد أنه يجوز، وتثبت الشركة بهذا القدر؛ لأنهما ذكرا حكم الشركة إن لم يذكرا عقد الشركة، والعقد يصير مذكوراً بذكر حكمه ألا ترى أنهما لو ذكرا الشراء من الجانبين يجوز، وإن لم يذكرا الشركة لما ذكرا حكمة الشركة.

وجه ما روي عن أبي حنيفة: أنهما لم يذكرا الشركة، ولم يذكرا حكمة الشركة على الخصوص؛ لأن حكمة الشركة على الخصوص أن يصير كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه، ولم يذكرا ذلك، فلم تثبت الشركة لا نصاً ولا اقتضاء فبقيت وكالة، والوكيل بشراء شيء مجهول الجنس لا يجوز ما لم يكن الرأي مفوضاً إليه بخلاف ما لو ذكرا شراءهما؛ لأنهما ذكرا ما هو حكم الشركة على الخصوص فثبتت الشركة اقتضاءً بذكر الحكم، والشركة جائزة وإن كان المشترى مجهول الجنس.

قال: وكذلك إذا لم يذكرا للشركة وقتاً بأن اشتركا على أن ما اشتريا فهو بينهما؛ لأنهما لما جعلا ما يشتريه كل واحد منهما بينهما علم أنهما أرادا الشركة؛ لأن الوكالة في العادة لا تقع من الطرفين، والشركة لا تفتقر إلى تسمية ما يشتريانه، ولا إلى ذكر الوقت بخلاف الوكالة؛ إذا فوض الرأي إلى الوكيل مطلقاً فيما يشتريه منه؛ إلا أن يقول: ما اشتريت من شيء لي فهو جائز حيث لا بد فيها من ذكر الوقت؛ نحو أن يقول: اليوم، أو شهر كذا، ويذكر مبلغ الثمن، أو نوع ما يشتريه كالبر والدقيق؛ لأن هذه الوكالة، وإن جرت مجرى الشركة بتفويض الرأي فيه إلى الوكيل حتى احتملت الجهالة؛ إلا أنها وكالة مطلقه، ومن حكم الوكالة الخصوص حتى إن من قال لغيره: وكلتك في هذا المال؛ كان وكيلاً بالحفظ؛ لأنا لو جوزناها مطلقة من غير تخصيص؛ جعلناها شركة من كل وجه، وإنها ليست بشركة من كل وجه، فقلنا: إذا وقت المدة، أو سمى النوع أو الثمن، فقد ظهر معنى الخصوص من وجه، فيجوز وإن أطلق لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>