في حق براءة المودع عن الضمان؛ لا في حق إيجاب الضمان على المدفوع إليه، ولكن يحلف بالله ما قبضه؛ لأن شريكه يدعي عليه ضمان نصيبه بجحوده القبض.
قال: ولو مات أحدهما، ثم ادعى المستودع أنه كان دفعها إلى الميت منهما، فلا ضمان على المودع؛ لأنه بقي أميناً، وقول الأمين في رد الأمانة مقبول، وإن ادعى أنه دفعها إلى ورثة الميت منهما فكذبوه، وحلفوا على دعواه، فهو ضامن للنصف حصة الحي من ذلك؛ لأن في نصيب الميت كان له حق الدفع إلى ورثته، فأما ليس له أن يدفع نصيب الحي إلى ورثة الميت؛ لأن ورثة الميت خلفا الميت في حقه خاصة، وليس لأحدها أن يفوض شيئاً من مال المفاوضة في ظاهر الرواية، قالوا: وينبغي أن يكون له الإعراض بما لا خطر للناس فيه.
وذكر الحسن أن على قول أبي حنيفة لأحد المتفاوضين أن يقرض مال المفاوضة من رجل من به، وله أن يبضع، وأن يدفع المال، مضاربة؛ روى الحسن عن أبي حنيفة أنه ليس له أن يدفع المال مضاربة، فإن أبضع أحدهما، ثم تفرق المفاوضان أي تقاسما المفاوضات، ثم استحال المستبضع بالبضاعة شيئاً، فإن علم بتفرقهما، فالمشترى للمبضع وحده، فإن لم يعلم بتفرقهما؛ كان المشترى للمبضع ولشريكه؛ لأن الإبضاع توكيل، وصح ذلك من أحدهما عليهما، والافتراق عزل منهما إياه، وحكم العزل قصداً لا يثبت في حق الوكيل قبل علمه.
قال القدوري: ولأحد المتفاوضين أن يسافر بالمال بغير إذن شريكه، وهو الصحيح من مذهب أبي حنييفة، ومحمد، وروي عن أبي حنيفة أنه ليس له ذلك، وهو قول أبي يوسف، وروي عن أبي يوسف: أنه يفرق بين ما له حمل ومؤنة وبينما لا حمل له ولا مؤنة، ثم إذا سافر على قول من جوز المسافرة، أو أذن له الشريك بذلك، فله أن ينفق على نفسه في كرائه ونفقته وطعامه، وإدامه من جملة رأس المال، وروى ذلك الحسن عن أبي حنيفة، فإن ربح حسب النفقة في مال الشركة للعرف الظاهر فيما بين التجار في الإنفاق من مال الشركة إذا كان السفر لأخذ مال الشركة.
نوع فيتصرف أحد المتفاوضين في عقد صاحبه، وفيما وجب بعقد صاحبه
إذا أقال لأحدهما في بيع باعه الآخر جازت الإقالة عليهما، وكذلك إذا أقاله أحدهما في سَلَم باشره صاحبه؛ لأن الإقالة بمعنى البيع في تحصيل الربح، فإن الربح قد يحصل بالعقد مرة، وبالإقالة أخرى، فإذا نفذ عقد أحدهما على صاحبه، فكذا الإقالة.
وإذا باع أحد المتفاوضين شيئاً بالنسيئة ومات فليس للآخر أن يطالب المشتري بشيء؛ لأنه لو طالبه بحكم الشركة؛ لأنه ليس بعاقد، والشركة قد انقطعت بالموت، ولكن لو دفع نصف الثمن إليه برىء استحساناً؛ لأنه ملكه، ألا ترى أن المشتري لو دفع الثمن إلى الموكل برىء منه استحساناً، كذا ههنا.