للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أنه لو قبل الانتقال من ملك الموروث إلى ملك الورثة أما نفس المكاتب لا تقبل الانتقال، فلهذا أقام الشاهدين مقام المولى في ملك بدل الكتابة، وإذا استوفيا ذلك من المكاتب طاب لهما إحدى الألفين، ولزمهما التصدق بالألف الآخر؛ لأنهما استفاداً بسبب خبيث وهو الشهادة الباطلة،، فكان سبيله التصدق، ويعتق المكاتب؛ لأنه أدى ببدل الكتابة إلى من قام مقام المولى، فيعتق كما لو أدى إلى وارث المولى بعد موت المولى ويكون ولاء المكاتب؛ لأنه نفى حكم ملك المولى لما قلنا: إنه لا يقبل الانتقال من ملك إلى ملك، والشاهدان إنما قاما مقام المولى في ملك البدل لا غير؛ لما نفى المكاتب على المعتق حالياً في حكم ملك المولى، فيكون ولاؤه للمولى، فإذا أدى المكاتب على أحد (١٤٤أ٢) الشاهدين ألف درهم لا يعتق؛ لأنه بعض البدل، وهل لصاحبه أن يشاركه فيما قبض قال: ليس له ذلك؛ لأن الشاهدين ما يملكان فيه المكاتب إنما قام مقام المولى في ملك البدل باعتبار ما لزمهما من ضمان القيمة؛ ولأن كل واحد منهما ضامن القيمة منفصل عما لزم الآخر؛ لانفصال محل لزوم كل واحد منهما، وهو الذمة، والسبب الموجب على كل واحد منهما تقديراً بالشهادة الباطلة، وشهادة كل واحد منهما لا تتعلق بشهادة الآخر، وإنما تنقلب الشهادة بعدها بالرجوع، ورجوع أحدهما غير رجوع الآخر، فصار السبب مختلفاً، ولا يكون لأحدهما حق الشركة مع الآخر.

قال في «الكتاب» : ويستوي في هذا إن أديا القيمة من مال مشترك، أو غير مشترك؛ لأن رجوعهما لا يتوقف على الأداء.

ألا ترى أن المولى لو اختار ضمانهما كان لهما حق الرجوع قبل الأداء فكذلك إن تغير المؤدي، وصارت هذه المسألة نظير الوكيلين بالشراء، فإن في تلك المسألة كان للوكيل حق الرجوع بالثمن.

وكذلك البيع إذا شهد شاهدان على رجل أنه باع عبده هذا من فلان بألف درهم إلى سنة، وقيمة العبد ألف درهم، والمشتري يدعي ذلك، والبائع يجحد، فقضى القاضي به، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما؛ كان للمولى الخيار؛ إن شاء اتبع المشتري بالثمن إلى أجل، وإن شاء ضمن الشاهدين قيمته حالاً، وإن أدخل الشاهدان في ملك البائع بمقابلة العبد أضعاف قيمته، وذلك ألفي درهم إلا أن ذلك مؤجل والمؤجل بمنزلة التاوي فكان البيع به إتلافاً من وجه فصارا متلفين العبد على البائع من وجه، فوجب المثل لهذا، فإن اختار تضمين الشهود،.... مقام البائع في ملك الثمن؛ لا في ملك العبد؛ إذ العبد خرج عن ملك المولى إلى ملك المشتري، ورجوع الشاهدين في حق المشتري غير معتبر، ويطيب لهما أخذ الألفين، ويتصدقان بالألف الآخر لما مر قبل هذا، فإن قبض أحدهما من الثمن شيئاً لا يشاركه صاحبه فيه لما قلنا في مسألة المكاتب.

قال فيه أيضاً: رجلان غصبا عبداً من رجل قيمته ألف درهم، فصارت قيمته ألفي

<<  <  ج: ص:  >  >>