دخل بغير إذنه لا يخلص مرمتها إلا بضرر بالدار فإنه ليس للذي عمر الدار أن يأخذ مرمتها، ويقال لصاحب الدار: ضمن له قيمة مرمته كذا هنا، إلا أنَّهُ فرّق بين المسألتين أن في مسألتنا من له سكنى الدار إذا رضي أن يأخذ ورثة الميت، أماهم لا يصح رضاهم، وفي تلك المسألة إذا رضي صاحب الدار أن يأخذ الثاني مرمته صح رضاه، وقيل للآجر: خذ مرمتك، والفرق بينهما أن صاحب الدار مالك رقبة الدار، فإذا رضي بلحوق الضرر بملكه عمل رضاه، وفي باب الوقف الموقوف عليهم الفقراء وإنما صار السكنى لهؤلاء باستثناء السكنى بهم من سكنى الفقراء فيكون الضرر برفع البناء عائداً إلى الفقراء فلا يصح رضاه، وإن كان ما رم الأول قبل تجصيص أو تطيين سطوح أو ما أشبهه ثم مات الأول، فليس لورثته أن يرجع بشيء من ذلك على الثاني، لأنها مستهلكة لها، ألا ترى أن رجلاً لو اشترى داراً وجصصها أو طين سطوحها ثم استحقت الدار لا يكون للمشتري أن يرجع على البائع بقيمة الجص وإنما يكون له الرجوع على البائع بقيمة ما يمكن أن يهدمه ويسلم إليه.
ومن هذا الجنس
ذكر في «فتاوي أبي الليث» : حانوت موقوف على الفقراء وله قيم بنى رجل في هذا الحانوت بناء بغير إذن القيم ليس له أن يرجع بذلك على القيم، فبعد ذلك ينظر إن كان أمكنة رفع ما بنى من غير (أن) يضر بالبناء القديم فله رفعه، وإن لم يمكنه رفع ما بنى من غير أن يضر بالبناء القديم فليس له رفعه ولكن يتربص أن يتخلص ماله إن لم يرض هو بتملك القيم البناء للوقف، وإن اصطلح مع الوصي على أن يجعل البناء للوقف ببدل يجوز لكن ينظر إلى قيمته مبنياً وإلى قيمته منزوعاً، فأيهما كان أقل لا يجاوز ذلك، قال المشروط له السكنى لا يؤاجر كالموصى له بالسكنى؛ لأنه ملك المنفعة بغير بدل.
وأما المشروط له الغلة والموصى له بالغلة هل له أن يسكن مكان أبو بكر بن سعيد يقول: لا يسكن.
وهكذا ذكر الخصاف في «وقفه» ؛ لأن فيه ضرراً بالميت، فربما يظهر على الميت دين، فتصرف هذه الغلة إلى قضائه وبالسكنى يبطل ذلك، وكان أبو بكر الاسكاف يقول: له أنه يسكن، وقال: ما يسقط من البناء فللقيم أن يبيعه لأن الوقفية زالت حكماً بأن فصار منقولاً، وهذا إذا لم يمكن إعادته إلى موضعه. فأما إذا أمكن أعيد إلى موضعه؛ لأنه من رقبة الوقف؛ لأن الثمن بدل ما سقط، وكذلك ما تناثر من البناء من تراب فللقيم بيعه وصرف ثمنه إلى المرمة، ولا يصرف من ثمن ما أسقط إلى الفقراء؛ لأنه بدل البعض والبعض من جملة تربة الوقف ولا حق للفقراء في تربته، وإنما الحق لهم في غلته ولا يصرف شيء من ذلك للفقراء، وإنما يصرف إلى المرمة وما فضل من ذلك عن المرمة يمسكه القيم إلى وقت الحاجة إلى المرمة، وإن كان المشروط له السكنى قبل الفقراء إنما شرطت له غلة سنة، فليس عليه شيء من العمارة؛ لأن العمارة لا تفيد إلا في السنين المستقبلة، فمنفعتها لا تصل إلى صاحب السنة، وكذلك إذا شرط له غلة سنين، فلا شيء عليه من العمارة، وأما المشروط له الغلة في ثلث سنين يؤخذ بالعمارة؛ لأن منفعة العمارة تعود إليه.