للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: هو عبارة عن نفس الولادة يقال: نفست المرأة ولداً فهي نفساء، والولد منفوس والولد لا ينفك عن بلّة دم ولو ولدت ولم ترَ هي دماً، فهي نفساء في رواية الحسن عن أبي يوسف، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ثم رجع أبو يوسف، وقال هي طاهرة.

وثمرة الخلاف تظهر في حق وجوب الغسل، فأما الوضوء فواجب بالإجماع؛ لأن الولد لا ينفك عن بلّة تخرج معه، وتلك البلّة حدث يوجب الوضوء بالإجماع، فوجه قول أبي يوسف الآخر أن النفاس عبارة عن الدم الخارج من الرحم، يقال للمرأة إذا رأت الدم عقيب الولد: نفست، فإذا لم ترَ الدم لم تكن نفساء والغسل من حكم النفاس في هذه الصورة.

وجه قول أبي حنيفة رحمه الله: أن النفاس مأخوذ من كل واحد مما ذكرنا وكل واحد منهما لا يخلو عن بلّة دم، وأكثر المشايخ أخذوا بقول أبي حنيفة رحمه الله وبه كان يفتي الصدر الشهيد رحمه الله، وبعضهم أخذوا بقول أبي يوسف رحمه الله.

ثم الأمة أجمعت على وجوب الغسل بالنفاس، فإما أن يكون باجتماعهم بناءً على نص ورد فيه، واكتفوا بالإجماع عن نقل النص لكون الإجماع أكثر منه، أو يكونوا قاسوه على دم الحيض لعلة أنه دم خارج عن الرحم، ويجوز انعقاد الإجماع عن القياس، وليس لعله له غاية على ظاهر رواية أصحابنا رحمهم الله؛ لأنه لم يرد الشرع بتقديره، القليل منه كالكثير من حق كونه حدثاً فيكون هو نفاساً، بخلاف قليل الحيض حيث يقدّر وهو في نفسه لورود الشرع بتقديره، ولا تقدير ههنا فيتبع فيه القياس؛ ولأن دم الترك ما يكون من الرحم ولديه النفاس علامة يستدل بها على أنه من الرحم وهو خروج الولد بخلاف دم الحيض، فإنه له علامة عليه، فيستدل على ذلك بالامتداد ومقدار الاعتداد عرف بالشرع.

وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه قال أقل مدة النفاس مقدر بأحد عشر يوماً. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه قدره بخمسة وعشرين يوماً وأكثر مدة النفاس مقدر بأربعين يوماً عندنا. وقال الشافعي: بستين يوماً، وقال مالك: بسبعين يوماً واعتمادنا على حديث أم سلمة رضي الله عنها حيث قالت: كانت النفساء تعتد على عهد رسول الله عليه السلام أربعين يوماً، وفي حديث أبي الدرداء وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: «وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلّمللنفساء أربعين صباحاً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك» ، وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: وقّت رسول الله عليه السلام للنفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، وإن زاد الدم على الأربعين فالزيادة على الأربعين استحاضة والأربعون نفاس في المبتدأة، وصاحبة العادة معروفها نفاس والزيادة عليها استحاضة (نوع منه)

<<  <  ج: ص:  >  >>