فهو على ما قال، وتقسم الغلة عليهم على عدد رؤوسهم يستوي فيه من كان من قبل أبيه ومن كان من قبل أمه، ولا تترجح قرابته من قبل أبيه وأمه.
ولو قال: بين قرابتي من قبل أبي وبين قرابتي من قبل أمي، فنصف الغلة تكون لقرابته من قبل أبيه، ونصفها يكون لقرابته من قبل أمه. قال: ألا ترى أن من قال أوصيت بثلث مالي بين زيد وبين عمرو، فاذا أحدهما ميت فللحي منهما نصف الثلث.
ولو قال: أوصيت بثلث مالي لزيد وعمرو فإذا أحدهما ميت فللحي منهما كل الثلث. ذكر الخصاف في «وقفه» : إذا وقف على قرابته الأقرب فالأقرب وبعدهم على المساكين، فالغلة كلها لأقرب قرابته منه واحداً كان أقربهم أو أكثر من ذلك ويقسم عليهم على عدد رؤوسهم، فإن قال بعضهم: لا أقبل هذا أو قبل بعضهم كانت الغلة لمن قبل منهم وسقط من لم يقبل منهم، فإن مات هؤلاء الذين كانوا أقرب إليه كانت الغلة لمن يلي هؤلاء بطناً بعد بطن. وكذا لو قال: يعطي غلة هذا الوقف أقرب الناس إلي نسباً ورحماً ثم الأقرب فالأقرب بعد ذلك، وكذلك لو قال: الأولى فالأولى وكذا إذا وقف على فقراء قرابته الأقرب فالأقرب بدئ بالأقرب فالأقرب، هكذا ذكر الخصاف وهلال عن أبي يوسف أن القريب والبعيد في هذا سواء إلا أن يقول: الأقرب ثم الأقرب ثم على ما ذكر هلال والخصاف إذا وجبت البداية بالأقرب يعطي مائتي درهم ولا يعطي أكثر من مائتي درهم، أما إعطاء المائتين؛ لأن المقصود من هذا الوقف الأغنياء عرف ذلك بذكر الفقراء والغناء لا يقع بأقل من المائتين ولا يعطي أكثر من المائتين؛ لأن الإغناء بقدر المائتين، فلا حاجة إلى الزيادة، فإن أعطى مائتي درهم وبقي من الغلة شيء يعطي الذي يليه مائتي درهم، فإن أعطى كل واحد منهم مائتي درهم وبقي من الغلة شيء، فالقياس أن يكون ذلك كله للأقرب فالأقرب، وهناك يعطي الأقرب كل الغلة، فهنا بذلك.
وفي الاستحسان: يقسم بينهم بالسوية؛ لأن الأصل كان مقسوماً بالسوية، فكذا الفضل يؤخذ حكمه من الأصل كما قلنا في المواريث ما فضل من السهام يرد عليهم على قدر الأصول، ذكر هلال المسألة على القياس والاستحسان، والخصاف في جنس هذه المسالة لم يذكر القياس والاستحسان، وصورة ما ذكرها الخصاف إذا كان أقربهم إليه جماعة قسمت بينهم بالسوية إذا كان الذي يصيب كل واحد منهم مائتا درهم أو أقل، وإن كان في الغلة ما يصيب كل واحد من البطن الأعلى مائتا درهم وفضل عنهم، قال: يقسم الفاضل بينهم، قال: وكذلك يكون الحال في كل بطن منهم، وقال أيضاً: إذا كان قال: يبدأ بالأقرب فالأقرب مني يعطي من غلة هذه الصدقة ما يصيبه، قال: يبدأ بأقربهم فيعطى مائتا درهم يليه ثم يعطي الذي يليه مثل ذلك حتى ينتهي إلى آخرهم، فإن فضل شيء من غلة هذه الصدقة كان ذلك لهم.
ولو قال: على فقراء قرابتي على أن يبدأ، فيعطي جميع الغلة الأقرب فالأقرب يعطي الأقرب كل الغلة؛ لأنه هكذا أوجب، وإنما كنا نعطيه مائتي درهم بدلالة ذلك الفقراء، ولا قوام للدلالة إذا جاء الصريح بخلافها.