للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وقف على فقراء الجيران ولم يضف الجيران إلى نفسه بأن لم يقل على فقراء جيراني، فهذا وما لو قال: على فقراء جيراني سواء لما قلنا في القرابة، وإن كان حين مرض حوله ابنه إلى محلة أخرى أو قرية ثم مات، فالغلة لجيرانه الأولين وليس هذا بانتقال.

ولو أن امرأة كانت تسكن في دار فوقفت على جيرانها وقفاً ثم تزوجت وانتقلت إلى بيت زوجها وماتت فيها، فجيرانها جيران زوجها؛ لأنها تابعة للزوج في السكنى، فانقطع جوارها الأول، قالوا: إن كان متاعه في داره فالغلة للأولين؛ لأن جوارهم لم ينقطع، وإذا وقف على جيرانه، فأعطى الوصي بعضهم دون البعض ضمن؛ لأنهم هنا يخصون، فكانوا متعينين فقد دفع حقاً مستحقاً لقوم معينين إلى غيرهم فيضمن، بخلاف ما إذا وقف على الفقراء؛ لأن هناك المستحق ليس معين.

وإذا وقف على فقراء جيرانه، فالأرملة تدخل إذا كانت جاراً، وذات البعل لا تدخل؛ لأن سكنى الأرملة مضاف إليها فكانت جاراً حقيقة بخلاف ذات البعل؛ لأنها تابعة للزوج في السكنى، فلم يكن سكناها مضافاً إليها، فلم يكن جاراً حقيقة.

وإذا وقف على أيتام قرابته، فاليتيم صغير أو صغيرة مات أبوه ولم يدرك حياة الأم (لا) يخرجه من أن يكون يتيماً، كذلك حياة الجد لا يخرجه من أن يكون يتيماً، وإذا أدرك الصغير أو الصغيرة فقد خرج أن يكون يتيماً، وإدراك الغلام بالاحتلام وأدرك الجارية بالحبل أو الحيض، وإن لم يكن شيء من ذلك حتى بلغ خمس عشرة سنة، ففي المسألة اختلاف والمسألة معروفة، وإن احتلم الغلام بعد مجيء الغلة وحاضت الجارية بعد مجيء الغلة، فحصته ثابتة له من هذه الغلة؛ لأنه استحقاق قد ثبت حين جاءت الغلة، وهو لم يدرك، فلا يبطل الإدراك بعد ذلك.

فإن تنازعوا في ذلك فقال سائر المستحقين: إنما احتلمت قبل مجيء الغلة، وقال هؤلاء: بل احتلمت بعد مجيء الغلة، فالقول قوله. وكذلك إذا وقع الاختلاف في حيض الجارية، وهذا لأن الاحتلام أمر حادث، والحيض كذلك، والأصل في الحوادث أن يحال حدوثها على أقرب الأوقات يوضحه: أن حاصل اختلافهم في خروجه عن الاستحقاق، فيكون القول قوله.

وإذا وقف على عقب فلان فاعلم بأن عقب الإنسان كل من يرجع بآبائه إليه، ولا يدخل فيه ولد البنات إلا إذا كان أزواج البنات من ولد فلان، وكذلك أولاد من بنيهن من الإناث لا يدخل في هذا الوقف إلا إذا كان أزواجهن من ولد فلان، ولو وقف على زيد وعقبه ولزيد أولاد وزيد حي لا يكون للأولاد شيء من الوقف؛ لأن ولد الرجل لا يسمى عقبه إلا بعد موته، وإذا وقف على أهل بيته دخل تحت الوقف من كان موجوداً من أهل بيته ومن يأتي بعد هؤلاء من أولادهم، وأولاد أولادهم.

ولو أوصى بثلث ماله لأهل بيته، فإن الوصية لمن كان موجوداً وقت موت الموصي ولمن كان يولد من أهل بيته لأقل من ستة أشهر من يوم مات الموصي، والفرق أن الوصية لا تجوز لمن لم يخلق، والوقف يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>