للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الصدقة توجب زوال ملك الرقبة، والوقف لا يوجب زوال ملك الرقبة. فإذا قال: موقوفة أن قضي أن يكون باقية على ملكه ونصرف عليها إلى القرابة، بخلاف ما إذا قال: صدقة.

ولو قال: أرضي هذه تعطى غلتها بعد وفاتي لولد عبد الله ونسله وتكون وصية بالغلة، ولو قال: أرضي بعد وفاتي موقوفة على المساكين أوحبس على المساكين، فهذا الوقف جائز ومن بعدهم جعل الغلة للورثة فالغلة تكون للقوم الذين جعل لهم، فإذا انقرضوا كانت الغلة للورثة على قدر مواريثهم، فإذا ماتوا كانت الغلة للفقراء، هكذا ذكر هلال في «وقفه» ، وكان الفقيه أبو بكر الأعمش يقول: يجب أن تكون الغلة بعد ذلك القوم للفقراء،؛ لأنه قال: ومن بعدهم للورثة ولم يبين أن المراد ورثة القوم أو ورثه نفسه، فوقع الشك (١٨ب٣) في الاستحقاق: للورثة فلا يثبت الاستحقاق والجواب أن الواقف ذكر الورثة بالألف واللام، وإنه لتعريف العهد، ومعهود الواقف ورثته وقد مر جنس هذا.

و (لو) قال: أرضي هذه بعد وفاتي صدقة يتصدق بعينها أو يباع ويتصدق بثمنها؛ لأنه نص على الصدقة، والصدقة للفقراء، فلا يكون فيها جهالة.

إذا قال: أرضي صدقة موقوفة على الفقراء أوصى بذلك بعد موته والأرض لا يخرج من الثلث حتى جاز في ثلث الأرض وبطل في الثلثين على ما مر، ثم ظهر للميت مال يخرج الأرض من الثلث بأن كان قيمة الأرض ألف درهم وظهر للميت ألفا درهم صار كل الأرض وقفاً، وإن ظهر له ألف درهم صار ثلثا الأرض وقفاً وبطل الثلث؛ لأنه يظهر أن ثلث ماله ثلثا الأرض، وإن كان القاضي حين أبطل الوقف في الثلثين تصرف الورثة؛ لأنه في الثلثين بالبيع أو الهبة ثم ظهر للميت مال ذكر هلال في «وقفه» أن بيع الورثة جائز ولا ينقض، هكذا ذكر الخصاف في «وقفه» ، وعلل فقال: من قبل أن القاضي أطلق لهم (التصرف) بهذين الثلثين وملكهم إياه، فكان تصرفهم بناء على الملك والإطلاق الشرعي، ولكن الورثة يغرمون قيمة الثلثين فيشترى بها أرضٌ أخرى توقف، لا أنهم استهلكوا ذلك بتصرفهم فيضمنون، وكان الفقيه أبو بكر الأعمش يقول: ينبغي أن ينقض بيع الورثة؛ لأنه إنما ينفذ بيعهم في الثلثين على تقدير أنه ملكهم، فإن الوقف فيه لم يصح وقد ظهر أن الوقف قد صح فيه.h

واستشهد الخصاف في «وقفه» لإيضاح قوله بمسألة الوصية فقال: ألا ترى أن رجلاً لو أوصى بأرض له لرجل وليس له مال ظاهر غيره هذه الورثة وأبى الورثة أن يجيزوا ذلك فرفعوا إلى القاضي ورد القاضي الثلثين على الورثة، ثم إن الورثة باعوا ذلك ثم ظهر للميت مال يخرج كل الأرض من الثلث، فإنه لا يرد بيعهم ويضمنون للموصى له قيمة ثلثي الأرض كذا هنا، هذا إذا ظهر للميت مال، ولو حصل للميت مال بأن قتل الواقف

<<  <  ج: ص:  >  >>