ذكر الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» : أن من جعل جنازة وملأة ومغتسلاً الذي يقال بالفارسية: حوض مسين وقفاً في محلة، فمات أهلها كلها لا يرد إلى الورثة بل يحمل إلى مكان آخر، قال رحمه الله: فرق محمد رحمه الله بين هذا وبين المسجد إذا خرب ما حوله أن يصير ميراثاً، وفي هذه الفصول نوع إشكال، وينبغي أن يعود إلى الوارث على قياس مسألة الحصير والبواري، وإن صح هذا من محمد تصير هذه المسائل رواية في الحصير والبواري أنه لا يعود إلى الوارث.
في «المنتقى» : في مسجد يريد أهل المحلة أن يحولوه إلى موضع آخر، فإن ترك هذا حتى لا يصلى فيه، فللناس أن ينتفعوا به ويجعلون المسجد في غير هذا الموضع بمنزلة الخراب، وتأويل هذا إذا لم يعرف للمسجد بانٍ على ما نبينه إن شاء الله، فأما إذا لم يترك كما وصفت لك، فإنه لا يبيعونه ولا يتخذونه مسكناً، وهذه المسألة على هذا التفصيل إنما تتأتى على قول محمد.
وفي «الأجناس» : إذا خرب المسجد ولا يعرف بانيه وبنى أهل المسجد مسجداً آخر ثم أجمعوا على بيعه واستعانوا بثمنه في ثمن المسجد الآخر فلا بأس به. قال أبو العباس الناطفي في «الأجناس» : فقياسه في وقف هذا المسجد أنه يجوز صرفه إلى عمارة مسجد آخر إذا لم يعرف الواقف ولا وارثه، فأما إذا عرف للمسجد بان فليس لأهل المسجد أن يبيعوه؛ لأنه لما خرب ووقع الاستغناء عنه عاد إلى ملك بانيه أو ورثته، فلا يكون لأهله أن يبيعوه وما ذكر من الجواب، أما لم يعرف بانيه قول محمد لا قول أبي يوسف هو مسجد أبداً، فلا يكون لأهل المسجد أن يبيعوه، وعن أبي سلمة السهمي، قال محمد: في مسجد إذا خرب فلا يعرف بانيه فحكمه حكم الأرض عامرة لا يعرف لها رب، فيكون أمرها إلى الإمام.
قال أبو العباس الناطفي في «الأجناس» : اختلفت الروايات في تولية بيع المسجد والأوقاف إذا خرب ذكر في «نوادر هشام» في باب الوصايا في الوقف إذا صار بحيث لا ينتفع به المساكين، فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه آخر، ولا يجوز بيعه إلا للقاضي في قول محمد.
وفي «جامع الكيساني» : إذا جعلت امرأة مصحفاً حبيساً في سبيل الله وتحرق المصحف وبقيت الفضة التي عليه دفع ذلك إلى القاضي حتى يبيعه ويشتري مصحفاً مستقبلاً، فيجعله حبيساً، ولو جعل فرساً حبيساً في سبيل الله فأصابه عيب لا يقدر على أن يغزو عليه لا بأس للوكيل أن يبيعه يريد به القيم ثم يشتري بثمنه فرساً آخر يغزو عليه، وبيع الوكيل جائز في ذلك بغير أمر القاضي، وهو بمنزلة المسجد إذا خربت القرية كان لصاحبه أن يأخذه ويبيعه.
فرع على مسألة المصحف
لو صار المصحف لا يعطي ثمنه مصحفاً يرد ذلك على الورثة، فاقتسموا على فرائض الله تعالى قال الكسائي: وهو قول أبي يوسف ومحمد. وفي وصايا «الإملاء»