للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسم آخر في ختم النفاس بالطهر الفاسد

يجب أن يعلم بأن أبا يوسف رحمه الله كان يرى ختم النفاس بالطهر الفاسد كما يرى ختم الحيض بالطهر الفاسد؛ إذ الأصل عنده أن كل طهر بين الدمين يكون هو أقل من خمسة عشر، فهو كدم مستمر وأبو حنيفة رحمه الله على ما يروي عنه أبو يوسف يرى ختم النفاس بالطهر الفاسد، وعلى ما يروي عنه محمد لا يرى ختم النفاس بالطهر الفاسد.

واختلف المشايخ فيه على قول محمد، الفقيه محمد بن إبراهيم الميداني، والفقيه أبو بكر الأعمش رحمهما الله أن محمداً رحمه الله لا يرى ختم النفاس به كما لا يرى ختم الحيض به، وقال جماعة منهم إن محمداً رحمه الله يرى ختم النفاس به، وفرقوا بين النفاس وبين الحيض.

وبيان ذلك: امرأة بلغت بالحبل فرأت الدم ثلاثين يوماً ثم طهرت أربعة عشر يوماً، ثم استمر بها الدم (٤٢ب١) أشهراً، فعند من يرى ختم النفاس بالطهر الفاسد يكون نفاسها أربعون يوماً عادة أصلّية لها وطهرها عشرون عادة أصلية لها وحيضها عشرة، فتصلي بعد الأربعين عشرين يوماً وتدع الصلاة عشرة أيام وتصلي عشرين، وذلك دأبها ما دامت ترى الدم وعلى قول من يرى ختم النفاس بالطهر الفاسد يكون نفاسها ثلاثون يوماً عادة أصلية لها، وطهرها عشرون عادة أصلية وحيضها عشرة عادة لها أصلية، فتصلي بعد الثلاثين عشرين وتقعد عشرة ثم عشرين، والله أعلم.

قسم آخر في انتقال عادة النفاس

يجب أن يُعلم بأن انتقال العادة في النفاس إنما يكون بالخالص من النفاس، وخالصه أن يكون عقيب النفاس طهر تام خمسة عشر يوماً فصاعداً، وإذا قصّر الدم بعد النفاس عن خمسة عشر يوماً، فكذلك النفاس فاسد غير خالص، ولا يفسد دم النفاس بدم يُرى قبل الولادة؛ لأنه لم يخرج من الرحم لانسداد فم الرحم بالولد، وتنتقل العادة في النفاس برؤية المخالف مرّة عند أبي يوسف رحمه الله، ويصير ذلك عادة لها، وعليه الفتوى.

وبيانه: امرأة كانت أيام حيضها، نفاسها أربعون يوماً عادة أصلية لها وأيام طهرها عشرون وأيام حيضها عشرة، فولدت فرأت الدم ثلاثين ثم طهرت خمسة عشر، ثم استمر بها الدم انتقلت عادتها في النفاس إلى ثلاثين، وفي الطهر إلى خمسة عشر وبقيت عادتها في الحيض عشرة، فتترك الصلاة من أول الاستمرار عشرة ثم تصلي خمسة عشر، وعلى هذا القياس فافهم، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>