للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيد الملك قبل القسمة فهو معنى ما قال: وهو بمنزلة من باع هبة لم يقبضها. ذكر محمد في «الأصل» هبة الدار من رجلين وعطف عليها الصدقة فقال: وكذلك الصدقة وهذا يدل على أنه إذا تصدق ما يقسم على رجلين إنه لا يجوز عند أبي حنيفة كالهبة.

وفي «الجامع الصغير» قال: لو تصدق بعشر دراهم على فقيرين يجوز، قال الحاكم الشهيد: يحتمل أن يكون المراد من قوله: وكذلك الصدقة على عسر فيكون ذلك بمنزلة الهبة؛ لأنه جعل الهبة من الفقير صدقة فتكون الصدقة على الغني هبة، والأظهر أن في المسألة روايتين: فعلى رواية «الجامع الصغير» فرق بين الهبة والصدقة، وفي «الجامع الصغير» أيضاً: لو وهب عشرة دراهم من فقيرين جاز وجعل الهبة من الفقير كالصدقة، وأما إذا وهب عشر دراهم من غنيين عند أبي حنيفة لا يجوز؛ لأنه هبة المشاع فيما يحتمل القسمة، وذكر الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي في شرح كتاب الهبة: إذا وهب الرجل لرجل نصف درهم صحيح من الدراهم المعدلة أنه يجوز هو الصحيح، وجعل هذا بمنزلة هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة.

وذكر أصلاً فقال: كل ما يوجب قسمته نقصانا، فإنه مما لا يحتمل القسمة وإذا لم يوجب نقصانا فهو مما يحتمل القسمة، فعلى هذا يقول: إن كان الدرهم الواحد ينتقص بالقسمة يجوز هبة نصفه، وإن كان لا ينتقص لا يجوز هبة نصفه، وذكر الصدر الشهيد في «واقعاته» في باب الباء: إذا وهب لرجلين درهما صحيحا تكلموا فيه، قال بعضهم: لا يجوز؛ لأن تنصف الدرهم لا يضر فكان مشاعا يحتمل القسمة، قال: والصحيح أن يجوز؛ لأن الدرهم الصحيح لا يكسر عادة فكان مشاعا لا يحتمل القسمة. في «المنتقى» ابن مالك عن أبي يوسف في رجل معه درهمان فقال لرجل: وهبت لك درهما منهما قال: إن كانا مشاعاً مستويين لم تجز الهبة إلا أن يفرز له أحدهما؛ لأن الهبة تناولت أحدهما وهو مجهول، وإن كانا مختلفين فالهبة جائزة؛ لأنهما إذا كانا مختلفين فالهبة قدر درهم منهما وهو مشاع لا يحتمل القسمة.

قال: وأما في المقطعة لا يجوز ذلك حتى يفرزه، ولو قال: وهبت لك أحد هذين الدرهمين وهما مختلطان وهما مما يميز أو لا يميز فالهبة باطلة؛ لأن الموهوب مجهول وسبب التمليك لا ينعقد في محل مجهول، وفيه أيضاً: عن أبي حنيفة إذا دفع درهمين إلى رجلين فقال أحدهما: لك هبة لم يجز كانا في الوزن سواء أو مختلفين؛ لأن الموهوب مجهول، ولو قال: نصفهما لك، وإن كانا في الجودة والوزن سواء لم يجز، وإن كان أحدهما أدون من الآخر وأردى جاز؛ لأنه إذا قال: نصفها لك صار الموهوب معلوماً وهو النصف لو امتنع عمل الهبة إنما يمتنع لمكان الشيوع، فإذا كان في الوزن والجودة سواء يتمكن الشيوع، وإن كان أحدهما أردأ أو أدون فلا شيوع فيجوز. في «فتاوي أبي الليث» رجل قال لحر: بالفارسية ان رهزترا فذهب وزرعها إن كان قال: الحر عندما قال: هذه المقالة قبلت صارت الأرض له وإن لم يقل قبلت لا شيء له، وقد ذكرنا في أول هذا الفصل ما يخالف هذا، وإذا وهب نصف عبده أو ثلثه وسلم يجوز؛ لأن هذا مما لا يحتمل القسمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>