للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز، وهكذا ذكر في «فتاوى أبي الليث» والفرق: إنه إذا كان أحدهما صغيراً فالهبة للصغير انعقدت للحال لقيام قبض الأب مقام قبضه، والهبة من الكبير احتاجت إلى قبض الكبير مانعة معنىً ففسدت كلها بالإتفاق.

قال «البقالي» : الحيلة أن يسلم الدار إلى ابنه الكبير ثم يهب الدار منهما. الحسن بن زياد عن أبي يوسف: إذا أعطاه نصف داره صدقة عليه ونصفها هبة له وقبل ذلك الرجل وقبضها فهو جائز، وله أن يرجع في نصفها الذي وهبه، وفي المسألة نوع إشكال؛ لأن الهبة مع الصدقة يختلفان حكماً، فإنه لا رجوع في الصدقة، وفي الهبة رجوع، وباختلاف الحكم يتحقق الشيوع فينبغي أن لا تجوز الهبة.

نوع منه: إذا وهب الدين من غير من عليه الدين وسلطه على القبض جاز ذلك استحساناً، والقياس: أن لا يجوز وبه أخذ زفر؛ لأن الدين ليس بمال، والهبة وضعت لتمليك المال، فالهبة أضيفت إلى غير محلها فلا يصح، وإنما جاز هبة الدين فيمن عليه الدين بطريق الكناية عن الإبراء والإسقاط، ولنا: أن الواهب لما أمره بالقبض فقد جعله نائباً عن نفسه في القبض فيقع قبض الموهوب للواهب أولاً ثم لنفسه أو أن عمل الهبة ما بعد القبض وبعد القبض هو مال محل للتمليك بخلاف البيع؛ لأن أوان عمله للحال فهو في الحال ليس بمحل التمليك.

وإذا وهب ما على ظهر غنمهم من الصوف أو في ضرعها من اللبن لم يجز، فإن أمره بجز الصوف وحلب اللبن ففعل وقبض جاز استحساناً، وعلى هذا زرع الأرض وثمر الأشجار إذا أمره بجزاز وحصاد كذا ذكر في «الأصل» ، وذكر في «الأصل» أيضاً: إذا وهب ما في بطن جاريته لرجل وسلط على قبضه إذا وضعت فوضعت وقبضها الموهوب له لم يجز، وكذا دهن السمسم قبل أن يعصر، والزيت في الزيتون، ودقيق الحنطة. من أصحابنا من يقول: على قياس هبة الدين ينبغي أن يجوز ههنا أيضاً إذا سلطه على القبض، والأصح أن لا يجوز، أما الولد الذي في البطن فلأنه يتيقن بوجوده في البطن، وبعد الوجود لا يتيقن بحياته، ودهن السمسم وزيت الزيتون ودقيق الحنطة لا بد لوجودها في السمسم من العصر، وفي الحنطة من الطحن والعصر والطحن آخرهما وجوداً، فيضاف وجود الدهن والدقيق إلى العصر والسمسم فلم يكن موجوداً وقت الهبة، فلهذا لا يجوز.

وفي «فتاوي البقالي» عن محمد: إنه يجوز في الدهن، وكذلك في قوله: إن أدرك التمر وقد طلع أو إذا كان عسر. في «الفتاوي لأبي الليث» : رجل صلب منه لولده فوجهها لرجل وسلطه على قبضها وطلبها فطلبها وقبضها قال أبو يوسف: الهبة باطلة؛ لأن في قيامها وقت الهبة خطر، وقال زفر: الهبة جائزة، ذكر الحاكم في «المنتقى» : إذا وهب المضاربة للمضارب وبعضها على الناس وبعضها في يده جازت الهبة فيما في يدها، وأما ما كان على الناس، فإن قال: اقبضها فهو جائز، وإن كان في يد المال ربح فلا يجوز قال: لأنها هبة غير مقسومة، أما هبة في يد المضارب فهو هبة عين هو أمانة في يد

<<  <  ج: ص:  >  >>