للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموهوب له، وأن يموت الواهب أو الموهوب له، وأن يهلك الموهوب، وأن يتغير الموهوب من جنس إلى جنس الموهوب حكماً بصيرورته شيئاً آخر.

ذكر في باب العطية من هبة الأصل: إذا وهب لرجل عبد مريضاً به جرح فداواه الموهوب له حتى برء فليس للواهب أن يرجع فيها الزيادة الصفة الحاصلة عند الموهوب له، وكذلك لو كان أصماً أو أعمى فسمع وأبصر، أما إذا مرض في يد الموهوب له فداواه حتى برء كان للواهب أن يرجع فيه، وإن كان الموهوب داراً أرضاً فبنى في طائفة منها بناء أو غرس شجراً فلا رجوع، وهذا إذا كان ما بني يعدّ زيادة، وإن كان لا يعد زيادة.... أو يعد نقصاناً كالسور في الكاسان لا يمنع الرجوع، فالمانع من الرجوع الزيادة في المالية بزيادة في العين، كذا ذكره شمس الأئمة السرخي رحمه الله، والنقصان في الهبة فعل الموهوب له أو لا بفعله لا يمنع الرجوع.

الحسن بن زياد في «المحرر» عن أبي حنيفة، إذا وهب لرجل ثوباً فصبغة فله أن يرجع فيه، قال ابن أبي مالك: كان أبو يوسف أولاً يقول في هذه المسألة بقول أبي حنيفة ثم رجع وقال: ربما أنفق على السواد أكثر مما أنفق على الأصباغ فأدى إلى زيادة فليس له أن يرجع. من المشايخ من رجح قول أبي يوسف لما أشار إليه من المعنى، ومن المشايخ من قال: إن أبا حنيفة ما قال بانقطاع حق الرجوع في سواد يزيد في قيمة الثوب، وإنما قال ذلك في سواد ينقص قيمة الثوب، ومنهم من قال: فتوى أبي حنيفة في مطلق السواد؛ لأن السواد آخر الألوان لا يقبل الثوب لوناً آخر بعده، فصار السواد نقصاناً من حيث إنه لايقبل لوناً آخر.

في «المنتقى» : ذكر هشام عن محمد: رجل وهب لرجل جارية أعجمية فعلمها القران والكلام والكتابة، فللواهب أن يرجع فيها في قولهم، وكذلك لو علمها عملاً آخر، ذكره بعد هذا يريد بقوله في قولهم في قول عامة العلماء سوى قوله، قال: لأنهم يقولون: ما أنفق عليها في ذلك لا يضعه على رأس المال في بيع المرابحة، يشير إلى (أن) هذا ليس بزيادة على الحقيقة إذ لو كان زيادة لكان ما أنفق عليها في ذلك مضموماً إلى رأس المال.

قال محمد رحمه الله: وله أن يبيعها عليه مرابحة عندنا وقد أشار إلى أن هذا زيادة على الحقيقة فلا تكون للواهب أن يرجع فيها، ثم ذكر محمد لنفسه أصلاً فقال: كل ما زاد صلاحاً في العين فليس للواهب أن يرجع فيها، وما كان بغير فعل أحد أو غلا سوقه فله أن يرجع فيه، وهذا لأن ما زاد صلاحاً بفعل الغير فهو زيادة معنوية تبدل الأعراض بإزائها فيصير نظير الصبع المتصل بالثوب، ولا كذلك ما إذا أراد صلاحاً بغير فعل أحدٍ، وأبو حنيفة وأبو يوسف وغيرهما من العلماء يقولون: حق الرجوع حق أثبته الشرع لفوات عرض وهو العرض فلا يؤثر في قطعه إلا زيادة لها غير قائم متصل بتعذر الفسخ بحكم الرجوع، ويصير المحل لمكان الزيادة في حكم الهالك.

وذكر بعد هذا عن الحسن بن زياد عن أبي يوسف إنه لا رجوع فيه. قال: ثمة روى

<<  <  ج: ص:  >  >>