للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغيره: وهبت لك هذه الأمة على أن تعوضني ألف درهم فدفع إليه الأمة فوطئها وولدت له قال: آمره أن يدفع العوض الذي شرط أو القيمة، وإنما كان كذلك؛ لأن الجارية صارت مملوكة للموهوب له بالقبض، والواهب لها رضي بتملكه إياها بعوض مقدر، وتعذر الجبر على أداء العوض؛ لأن الجبر على أداء العوض من حكم المعاوضة، والهبة بشرط العوض تنعقد معاوضة في الحال، فبقيت الجارية في يد الموهوب له مملوكة بعوض لا يمكن الجبر عليه فشابه المملوكة بملك فاسد، فإن دفع العوض الذي شرط عليه وإلا قضي عليه بالقيمة.

في «فتاوي أبي الليث» : سئل أبو نصر عن رجل قال لآخر: برأتك عن الحق الذي عليك على أني بالخيار جازت الهبة وبطل الخيار، فالبراءة أولى؛ لأن الهبة تحتاج إلى القبول، والبراءة لا يحتاج فيها إلى القبول. في «فتاوي أبي الليث» امرأة قالت لزوجها: وهبت منك مهري على أن كل امرأة تتزوجها تجعل أمرها بيدي فهذا على وجهين:

إما أنه لم يقبل أو قبل، ففي الوجه الأول: لا تصح الهبة، وفي الوجه الثاني: تصح، فبعد ذلك المسألة على وجهين:

إما أن يجعل أمرها بيدها أو لم يجعل، فإن جعل فالهبة ماضية، وإن لم يجعل فكذلك. ذكر هاهنا الشيخ أبو بكر الإسكاف هكذا في آخر الكتاب.

إذا قالت المرأة لزوجها: وهبت مهري منك علي أن لا تظلمني فقبل..... صحت الهبة، فلو ظلمها بعد ذلك فالهبة ماضية، ذكره عن الشيخ أبي بكر الإسكاف والشيخ أبو القاسم الصفار.

وفي «المنتقى» : امرأة قالت لزوجها تصدقت عليك بالألف الذي عليك على أن لا تتسرى علي أو قالت: على أن لا تتزوج ففعل ثم تزوج أو تسرى فلا رجوع، وذكر في كتاب النكاح من «فتاوي أبي الليث» أيضاً: إذا قال الرجل لامرأته: أبرئيني عن مهرك حتى أهب لك كذا فأبرأته ثم أبى الزوج أن يهبها يصير يعود المهر عليه كما كان. وكذا في كتاب الحج امرأة تركت مهرها للزوج على أن يحج بها، قال محمد بن مقاتل: مهرها عليه على حاله، فإذا اختلف المشايخ في هذا الفصل قال الصدر الشهيد والمختار: للفتوى ما قاله نصير ومحمد بن مقاتل: إنه يعود؛ لأن الرضا بالهبة كانت بشرط العوض، فإذا انعدم العوض انعدم الرضا، والهبة لا تصح بدون الرضا، وسيأتي ما يؤكد هذا بعد هذا، في هذا الموضع أيضاً امرأة قالت لزوجها: إنك تغيب عني كذا، فإن مكثت معي ولا تغيب فقد وهبت لك الحائط الذي في مكان كذا، فمكث معها زماناً ثم طلقها فالمسألة على وجوه:

الوجه الأول: إذا كانت هذه منها لاهبة للحال، وفي هذا الوجه لا يكون الحائط للزوج؛ لأن العدة لا توجب الملك.

الوجه الثاني: إذا وهبت له وسلمت إليه ووعدها أن يمكث معها، وفي هذا الوجه الحائط للزوج؛ لأن الهبة مطلقة، وإن لم يسلم الحائط إلى الزوج لا يكون الحائط له.

الوجه الثالث: إذا وهبت على شرط أن يمكث معها وسلمت إليه وقبل الزوج، وفي هذا الوجه الحائط للزوج، وهكذا ذكر عن الشيخ أبي القاسم، وعلى قول نصير ومحمد بن مقاتل وهو المختار لا يكون الحائط للزوج.

الوجه الرابع: إذا قالت: إن مكثت معي، وفي هذا الوجه لا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>