للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادعى معاينة القبض، والشهود شهدوا على إقرار الواهب بذلك الواهب، ثم رجع وقال: يقبل وهو قول أبي يوسف ومحمد، وعلى هذا الخلاف الرهن والصدقة، ولو كان هذا الاختلاف بين الشاهدين يمنع قبول الشهادة بلا خلاف بأن شهد أحد الشاهدين على معاينة القبض، وشهد الآخر على إقرار الواهب بذلك.

وجه قوله الآخر: أن هذه الشهادة قامت على بعض ما تناولته الدعوى؛ لأن الموهوب له ادّعى معاينة القبض، وما يدعيه المدعي يعتبر ثانياً في حق قبول الشهادة بنفس الدعوى فيتضمن دعوى معاينة القبض دعوى إقرار الواهب بالقبض؛ لأن الثابت بالإقرار دون الثابت معاينة، فكانت الشهادة قائمة على بعض ما تناولته الدعوى بخلاف ما إذا وقع هذا الاختلاف بين الشاهدين؛ لأن معاينة القبض لا تثبت بشهادة شاهد واحدٍ حتى يثبت ما دونه؛ وهو إقرار الواهب بالقبض؛ لأن المشهود به لا يثبت بشهادة الشاهد الواحد فلم يوجد اجتماع الشاهدين لا على معاينة القبض ولا على إقرار الواهب بالقبض؛ ونظيره ما قال أبو حنيفة رحمه الله في رجل ادعى على آخر ألف درهم وشهد له شاهدان بخمس مئة تقبل شهادتهما ويضمن دعوى الألف دعوى خمس مئة، وبمثله لو شهد أحد الشاهدين بألف والآخر بالألف خمس مئة لا تقبل الشهادة.

ولو كان العبد في يد الموهوب له فشهد الشهود على إقرار الواهب بالقبض جازت الشهادة على قوله الأول والآخر، وإن كان الواهب أقر بذلك عند القاضي والعبد في يده أخذ بإقراره، هكذا ذكر المسألة ههنا، ولم يذكر لأبي حنيفة قول أول وآخر، وذكر في «كتاب الإقرار» الأول قال مشايخنا: ما ذكر ههنا أصح؛ لأن أكثر ما في الباب أن إقرار الواهب خالف دعوى المدعي؛ لأن المدعي ادعى معاينة القبض، والواهب أقر بالقبض، إلا أن الإقرار لا يبطل مخالفة دعوى المدعي.

على إنسان ألف درهم وأقر له المدعى عليه بمئة دينار صح إقراره، إذا استودع رجل رجلاً وديعة ثم وهبها له وحجد وشهد عليه بذلك شاهدان ولم يشهدا بالقبض فهذا جائز؛ لأن الهبة تثبت بالشهادة، وكون الموهوب في يد الموهوب له ثبت بتصادقها، وهذا كما في إتمام الهبة؛ لأن قبض الوديعة ينوب عن قبض الهبة، فإن حجد الواهب أن يكون في يده.... للمدعي وشهد الشهود على الهبة ولم يشهدوا معاينة القبض ولا على إقراره الواهب بالقبض والهبة في يد الموهوب له يوم خاصم إلى القاضي فإنه يجوز، وإذا كان ميتاً فشهادتهما باطلة، رجل وهب لرجل عبداً وقبضه الموهوب، ثم جاء رجل وأقام بينة أنه كان اشتراه من الواهب قبل القبض والهبة أبطلت الهبة؛ لأن الشراء يوجب الملك بنفسه فتبين أنه وهب وسلم ما لا يملك، وإن لم يشهدوا على الشراء قبل الهبة إنما شهدوا على الشراء لا غير فهو للموهوب له، وكذلك إن أرخ شهود الشراء شهراً أو سنة، وإن كان العبد في يد الواهب فأقام الموهوب له الثلثة أنه وهبه له وقبضه قبل الشراء، وأقام

<<  <  ج: ص:  >  >>