وفي «مجموع النوازل» : رجل له على آخر دين فطالبه فجاء المطلوب بشعير قدرا معلوماً وقال للطالب: خذه بسعر البلد قال: إن كان سعر البلد معلوماً وهما يعلمان ذلك كان بيعاً تاماً، وإذا لم يكن سعر البلد معلوماً وهما يعلمان ذلك كان بيعاً تاماً، وإذا لم يكن سعر البلد معلوماً إلا أنهما لا يعلمان ذلك لا يكون بيعاً. رجل قال لآخر: بعتك هذا العبد ثم قام أحدهما عن المجلس، إما البائع أو المشتري ثم قبل الآخر لا يصح قبوله، هذا هو المذكور في عامة المواضع، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الباب الثاني من «شرح الجامع» أنه إذا باع وهو قاعد ثم قام البائع، إلا إنه لم يذهب عن ذلك المكان حتى قبل المشتري صح قبوله، وهكذا كتب في هذا الباب أيضاً، لو كانا يمشيان فقال أحدهما: بعت وقال الآخر بعدما مشيا خطوة أو خطوتين: قبلت، رأيت في موضع من المواضع أنه لا يجوز في ظاهر الرواية، وفي رواية يجوز، ورأيت مكتوباً على ظهر الجزء الثاني (٣٦أ٣) من شرح البيوع: شرحه الشيخ الإمام الزاهد أحمد الطواويسي رحمه الله أن من قال لغيره: بعت منك هذا العبد فمشيا مكانا ثم قبل المشتري، إن في انعقاد هذا البيع وصحته اختلاف المشايخ، وسئل نصير بن يحيى عمن قال لآخر: بعت منك هذا العبد وفي يدي المشتري قدح ماء فشربه ثم قال: اشتريته كان بيعاً تاماً، وكذا لو أكل لقمة ثم قال: اشتريت لا ينعقد البيع بينهما؛ لأن المجلس قد تبدل.
قال لآخر: اشتريت منك هذا الثوب بكذا فاقطعه قميصاً لي، فقطعه فهذا بيع بينهما، في فتاوي شمس الأئمة السرخي رحمه الله، وفي نوادر ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله: أبعتني عبدك بألف استفهام فقال: نعم فقال: قد أخذته فهذا بيع لازم، فإن كان قد اشتراه بالأمس شراءً فاسداً ثم لقيه اليوم فقال: أليس قد بعتني عبدك هذا بألف درهم قال: بلى قال: قد أخذته، فهذا باطل؛ لأن هذا على ما كان أمس، وإن كان ماكراً بيع أمس فهذا اليوم جائز، ولو كان قال له أمس: بعتك عبدي هذا بألف درهم، فإن لم تجئني اليوم بالثمن فلا بيع بيني وبينك فقبل المشتري ذلك ولم يجىء بالثمن اليوم ولقي البائع من الغد وقال له: قد بعتني عبدك بألف درهم فقال: نعم قد أخذته فهذا شراء الساعة ولا أبطله بما كان منه أمس؛ لأن ذلك الشراء قد انتقض حين ما يأته بالثمن أمس قال: ولا يشبه هذا الشراء الفاسد.
رجل قال لآخر: بعت منك هذا العبد بألف فقال المشتري: اشتريت وقال البائع: رجعت وخرج قول البائع رجعت مع قول المشتري اشتريت معاً لا يصح البيع؛ لأنه قارن البيع ما يمنع صحته وهو رجوع البائع، كتب رجل إلى رجل: بعت عبدك هذا مني بكذا، فكتب المكتوب إليه: بعت منك عبدي هذا فهذا ليس ببيع، ولو كتب الأول اشتريت عبدك فلاناً بكذا، فكتب المكتوب إليه: إني قد بعت فهذا بيع، والفرق: أن البيع لابد له من الركنين، ففي الفصل الأول لم يوجد أحد الركنين، وفي الفصل الثاني وجد الركنان، وفي «فتاوي أبي الليث» : رجل قال لغيره: بعت منك هذا الثوب بعشرة والمشتري قال: أخذته بتسعة وتقابضا قال: هو بتسعة؛ لأنه ينظر إلى آخرهما كلاماً فيحكم بذلك.