كلها في الحظيرة وخلى البائع بينها وبين المشتري والأرماك بحيث لا يقدر على الخروج إلا بفتح الباب، ففتح المشتري باب الحظيرة ليدخل فلعله يأخذ بعض الرماك فعليه الرماك وخرجت من الحظيرة وذهبت فالهلاك على المشتري والثمن لازم، سواء كان المشتري يقدر على أخذها لو دخل الحظيرة أو لا يقدر، وهذا الجواب ظاهر فيما إذا كان يقدر على قبضها لو دخل الحظيرة؛ لأن المشتري صار قابضاً لها لما تمكن من قبضها، مشكل فيما إذا كان لا يقدر على قبضها لو دخل الحظيرة؛ لأن المشتري لم يقبضها لا حقيقة باليد ولا حكماً بالتمكن من القبض، فينبغي أن يكون الهلاك على البائع في هذه الصورة. ألا ترى لو فتح غير المشتري الباب، ولو كان المشتري لا يقدر على أخذ الرماك لو دخل الحظيرة فانفلتت رمكة وخرجت لا يكون الهلاك على المشتري لم يصر قابضاً لها لما لم يكن متمكناً من قبضها، والجواب أن الجواب صحيح في الوجهين؛ لأن المشتري إذا كان لا يقدر على قبض الرماك إن كان لا يصير قابضاً لها بالتمكن من القبض يصير قابضاً لها بالإتلاف. والقبض كما يتحقق من المشتري بالتمكن من القبض يتحقق منه بالإتلاف. ألا ترى أن من اشترى عبداً والعبد يبعد منه بحيث لا يتمكن من
قبضه لو أراد قبضه فأعتقه يصير قابضاً حتى يتأكد عليه الثمن وما صار قابضاً لتمكنه من القبض؛ لأن العبد يبعد منه، وإنما صار قابضاً بالإتلاف كذا هنا، وبيان الإتلاف أن فتح الباب سبب خروج الرمكة وإتلافها، فيقام مقام مباشرة الإخراج والإتلاف.
وخرج على هذا ما إذا كان فاتح الباب غير المشتري ولا يلزم أبا حنيفة وأبا يوسف ما إذا فتح الرجل باب قفص إنسان أو باب اصطبل إنسان فطار الطير أو خرجت الدابة من فور ذلك؛ فإنه لا يضمن الفاتح عندهما مع أنه سبب لإخراج الدابة والطير بالفتح؛ لأن هناك لو فتح الباب ضمن الفاتح إنما يضمن ضمان غصب؛ لأنه لم يوجد منه عقد ضمان في حق الطير والدابة، والمشتري في فعل الرمكة لو ضمن بفتح الباب ضمن ضمان العقد؛ لأنه وجد منه عقد ضمان في حق الرمكة، وقد جرى في بعض ضمان العقد من السهولة ما لم يجر في ضمان الغصب. ألا ترى أن المشتري قابض بحكم العقد وضامن بالتمكن من قبض ما اشترى، ولا يثبت الغصب بمجرد التمكن بالقبض فكذا هنا.
وفي «فتاوي أهل سمرقند» : إذا اشترى طيراً في بيت والباب مغلق فهبت الريح بالباب وفتح الباب وطار الطير لا يصح التسليم، وإن فتح المشتري الباب وطار الطير صح التسليم، وهذا الجواب ليس بصحيح،...... أن المشتري إذا كان بحال يمكنه قبض المشترى بيده من غير أعوان أو مع أعوان إلا أن الأعوان معه يصير قابضاً حتى لو انفتح الباب وطار الطير ذهب من مال المشتري سواء انفتح الباب بفتح المشتري أو بهبوب الريح أو بفعل أجنبي، وإن كان بحال لا يمكنه الأخذ أصلاً أو كان يمكنه بعون إلا أن الأعوان ليسوا معه، فإن فتح الباب بفتح المشتري وذهب الطير ذهب من مال