التمر من حيث إن لكل واحد منهما غاية معلومة، فالنص الوارد في الثمر يكون وارداً في الزرع دلالة، والمعنى في ذلك: أن لقطعهما غاية معلومة وما لنهايته غاية معلومة.
وإن ذكر في بيع الأرض الحقوق أو المرافق لا يدخل الزرع والثمار أيضاً؛ لأنهما ليسا من جملة حقوق الأرض ومرافقه، وإن قال: بعتها بكل قليل وكثير هو منها وفيها، إن قال: في أثرها من حقوقها، أو قال: من مرافقها، فالثمار والزرع لا يدخلان، وإن لم يقل: في آخرها من حقوقها ومرافقها يدخلان في البيع، وذكر الحاكم أحمد السمرقندي في «شروطه» : أنه إذا ذكر في بيع الضيعة والنخيل كل حق يدخل الزرع والثمر في البيع قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ولم يذكر كل قليل وكثير، وهكذا ذكر الناطفي أن بذكر الحقوق والمرافق يدخل الزرع والثمر في بيع الأرض.
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف برواية ابن سماعة عن محمد: أن الثمر والزرع لا يدخل بذكر الحقوق والمرافق. وإذا قال: بكل قليل أو كثير هو منها أو فيها يدخل استحساناً. وروى ابن أبي (٤٤ب٣) مالك عن أبي يوسف أنه يدخل الزرع والثمر في الألفاظ كلها، وذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده في آخر شرح المزارعة الكبيرة أنه إذا قال في بيع الضيعة: بكل قليل وكثير فيها على رواية كتاب الشرب لا يدخل الزرع والثمر في البيع. وهكذا ذكر في «المنتقى» عن محمد؛ لأن الزرع ليس من الأرض، وعلى رواية كتاب الشفعة والمزارعة يدخل.
وإن قال بكل قليل وكثير هو فيها يدخل جميع ما فيها من الثمر والزرع والبقل والرياحين وغير ذلك، وإن كان فيها زرع قد حصدت أو ثمار قد جزت لا يدخل في البيع، قال ابن أبي مالك: سمعت أبا يوسف قال: هما سواء، ويدخل الثمر في البيع.
وفي «شرح القدوري» وشرح القاضي الإمام الإسبيجابي: أن الزرع إنما لا يدخل في بيع الأرض من غير ذكر، إذا لم يثبت بعد، وصار له قيمة يدخل، ثم إن محمداً رحمه الله ذكر أن الشجرة تدخل في بيع الأرض من غير ذكر، ولم يفصل بين المثمرة وغير المثمرة، ولا بين الصغيرة والكبيرة، فمن مشايخنا من فصل بين المثمرة وغير المثمرة، فقال: المثمرة تدخل من غير ذكر وغير المثمرة لا تدخل، وذهب في ذلك إلى أن غير المثمرة بمعنى الزرع لنهايتها مدة معلومة كما للزرع، فأما المثمرة فليس لنهايتها مدة معلومة، فكان مؤبداً، فكان كالأرض، ومنهم من قال: الشجرة الكبيرة إذا كانت مثمرة تدخل من غير ذكر، وإذا كانت غير مثمرة لا تدخل، والصغيرة لا تدخل إلا بالذكر مثمرة كانت أو غير مثمرة؛ لأن الصغير لقطعها مدة معلومة عند الناس مثمرة كانت أو غير مثمرة، فإنها تقلع وتنقل من موضع إلى موضع، ولمدة ذلك وقت معلوم بين الناس، وكذلك الكبيرة المثمرة هي مثمرة لقلعها مدة معلومة بين الناس، فصار كالزرع بخلاف الكبيرة المثمرة، ومنهم من قال: الكل يدخل من غير ذكر وهذا أصح؛ لأن غير المثمرة ليس لنهايتها مدة معلومة بل تتفاوت بتفاوت الأراضي تفاوتاً فاحشاً صغيرة كانت أو كبيرة بمعنى الكبيرة المثمرة.