الحراسة والاصطياد كان منتفعاً حقيقة وشرعاً، فيكون مالاً؛ لأن المال غير الأدمي خلق لمنافع الأدمي والمال محل للبيع، وأما بيع كلب غير المعلم.
فقد ذكر شمس الأئمة السرخسي: أنه إذا كان الحال يقبل التعليم يجوز بيعه قال رحمه الله: هو الصحيح من المذهب، وهذا لأنه إذا كان يقبل التعليم كان منتفعاً به، فيكون محلاً للبيع، الدليل عليه أنه ذكر في «النوادر» : ولو باع الجرو وجاز بيعه؛ لأنه يقبل التعليم، فهذا يبين لك أن غير المعلم إذا كان يقبل التعليم، فهو والمعلم سواء في حق محلية البيع، وإنما لا يجوز بيع العقور والذي لا يقبل التعليم ولا يصطاد به لا يجوز البيع، والفهد والبازي يقبلان التعليم على كل حال، فيجوز بيعهما.
وأما القرد فقد اختلفت الروايات فيه عن أبي حنيفة روى الحسن عنه: أنه يجوز بيعه، وروى أبو يوسف عنه: أنه لا يجوز بيعه، وبيع الفيل جائز؛ لأنه منتفع به حقيقة وشرعاً، فهو كسائر الحيوانات، وأما الهرة فقد ذكر شيخ الإسلام في «شرح السير» : أنه يجوز بيعها، سئل عطاء بن رباح عن ثمن الهرة فقال: لا بأس به.
نوع آخر في بيع المحرمات
بيع المحرم الصيد لا يجوز، وكذلك بيع صيد الحرم لا يجوز، وإن كان المتبايعان حلالين، وهما في الحرم، والصيد في الحل جاز ذلك في قول أبي حنيفة.
وقال محمد: إن قوام العقد بالعاقد والمحل، ثم المحل إذا كان في الحرم لا يجوز بيعه، فكذا إذا كان العاقدان في الحرم، وجه قول أبي حنيفة رحمه الله: أن المحرم.
وهذا ليس صيد الحرم، ولهذا لو أمر إنساناً بإتلافه جاز، ولا شك أن الأمر بالإتلاف فيما يرجع إلى التعويض للصيد دون العقد عليه، فإذا لم يحرم ذلك لكون الصيد خارج الحرم، فكذا العقد، ولو أحرم وفي يده صيد لغيره، فباعه مالكه، وهو حلال جاز، ويجبر على التسليم، وعليه الجزاء إن تلف، وهذا لأن البائع عقد البيع على ملك نفسه، وهو حلال فصح، وإحرام الذي هو في يديه لا يمنع رد الوديعة، فيجب الرد إلا أنه صار مضموناً عليه بالإمساك وهو محرم، فلا يبرأ من الضمان مع بقاء الإحرام إلا بالإرسال، ولو وكل محرم حلالاً ببيع صيد فباعه، فالبيع جائز في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: البيع باطل، والخلاف في هذا نظير الخلاف في المسلم إذا وكّل ذمياً ببيع الخمر وشرائه، وسيأتي الكلام فيه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ولو وكل الحلال محرماً ببيع الصيد أو شرائه لا يجوز، وهذا إذا تبين لك أن المعترف العاقد، ولو وكل رجل رجلاً ببيع صيد فأحرم الآمر، وباع المأمور، فالبيع جائز في قول أبي حنيفة، وعندهما البيع باطل، وهذا لأن الوكالة ليست بلازمة، وما ليس