للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن محمد جواز بيع غزل القطن بالقطن متساوياً، وعن أبي يوسف: أنه لا يجوز إلا إذا كان القطن أكثر، وعلى هذا بيع الصوف بغزله.

وفي «البقالي» : عن أبي حنيفة جواز التفاضل في الماء، وعن محمد خلافه، وعن أبي يوسف لا خير في الجبن باللبن؛ لأن الجبن لم يخرج عن حد الوزن كما خرج الخبز من حد الكيل والفلوس من حد الوزن، ولا بأس بالسمن بالجبن.

وفي «الأصل» : وإذا باع حنطة قد أدرك في سنبلها بحنطة منقاة خرصاً لا يجوز.

قال شيخ الاسلام في «شرحه» : إذا كانت الحنطة المنقاة مثل الحنطة في سنبلها أكثر أو أقل، أو لا يدري، أما إذا كانت أكثر يجوز قال عليه الصلاة والسلام: «الناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار» ؛ والمراد من الماء المذكور في الحديث الماء الذي في الآبار والأنهار؛ لأن هذا الماء وجد بإيجاد الله تعالى في مكانه، فبقي على الإباحة على أصل الخلقة حتى يؤخذ في الجرار، فإذا أخذه وجعله في جرة، أو ما أشبهها من الأوعية، فقد أحرزه فصار أحق به، فيجوز بيعه وتصرفه فيه كالصيد الذي يأخذه، فأما بيع ما جمعه الإنسان في حوضه من الماء ذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده في شرح كتاب الشرب: أن الحوض إذا كان مجصصاً، أو كان الحوض من نحاس أو صفر جاز البيع على كل حال، فكأنه جعل صاحب الحوض محرزاً الماء بجعله في حوضه، ولكن بشرط أن ينقطع الجري حتى يختلط المبيع بغير المبيع، وإن لم يكن الحوض من الصفر أو النحاس، ولم يكن مجصصاً، فقد اختلف فيه على حسب اختلافهم في الجمد في المجمدة في الصيف على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله.

قال رحمه الله: والمختار في هذه المسألة أنه إن سلم أولاً على سوم البيع، ثم باع بعد التسليم جاز، وإن باع أولاً ثم سلم لا يجوز؛ لأن الحوض ينصب شيئاً من الماء، فيهلك بعض المبيع، فإذا كان البيع أولاً كان الهلاك قبل القبض، فتسقط حصته من الثمن، وقدر الهلاك مما لا يعرف، فتكون حصة الباقي من الثمن مجهولة، وإنها توجب فساد العقد.

ورأيت في موضع آخر إن كان صاحب الحوض ملأ الحوض من ساحة نهر لا يجوز بيعه؛ لأنه لم يصر محرزاً له بحوضه فإنما باع ما لم يملك وإن كان ملأه ماء بجرة، أو بالقربة جاز البيع؛ لأنه ملكه بالإحراز بالجرة أو بالقربة، فقد باع ما ملكه فجاز.

وأما بيع الجمد في المجمدة إن كان البيع في الشتاء وكان الجمد بحيث لا يذوب في ذلك الوقت ولا ينتقص يجوز، وإن كان البيع في الصيف، فقد أنكره بعض مشايخ بلخ، وقال: لا يجوز على كل حال.

وقال الفقيه أبو بكر الإسكاف: إن يسلم أولاً على سوم البيع، ثم باع بعد التسليم

<<  <  ج: ص:  >  >>